للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[واقعة مسعود مع سنجر وهزيمته وسلطنة طغرل]

لما توفي السلطان محمود وولي ابنه داود مكانه، نكر ذلك عمّه السلطان سنجر عليهم، وسار إلى بلاد الجبل ومعه طغرل ابن أخيه السلطان محمد، كان عنده منذ وصوله مع دبيس فوصل إلى الريّ، ثم إلى همذان، وسار السلطان مسعود وأخوه سلجوق وقراجا الساقي أتابك سلجوق للقائه. وكان المسترشد قد عاهدهم على الخروج وألزموه ذلك. ثم إنّ السلطان سنجر بعث إلى دبيس وأقطعه الحلّة وأمره بالمسير إلى بغداد، وبعث إلى عماد الدين زنكي بولاية شحنكيّة بغداد، والسير إليها فبلغ المسترشد خبر مسيرهما فرجع لمدافعتهما. وسار السلطان مسعود وأصحابه للقاء السلطان سنجر، ونزل أستراباذ في مائة ألف من العسكر فخاموا عن لقائه، ورجعوا أربع مراحل فاتبعهم سنجر، وتراءى الجمعان عند الدّينور ثامن رجب، فاقتتلوا وعلى ميمنة مسعود قراجا الساقي وكزل، وعلى ميسرته برتقش بازدار، ويوسف حاروس [١] فحمل قراجا الساقي في عشرة آلاف على السلطان سنجر، حتى تورّط في مضافه فانعطفوا عليه من الجانبين، وأخذ أسيرا بعد جراحات. وانهزم مسعود وأصحابه وقتل بعضهم، وفيهم يومئذ يوسف حاروس، وأسر آخرون فيهم قراجا فأحضر عند السلطان سنجر فوبّخه، ثم أمر بقتله. وجاء السلطان مسعود إليه فأكرمه وعاتبه على مخالفته وأعاده أميرا إلى كنجة. وولّى الملك طغرل ابن أخيه محمدا في السلطنة وجعل وزيره أبا القاسم النشاباذي وزير السلطان محمود، وعاد إلى خراسان ووصل نيسابور في عاشر رمضان من سنته. وأمّا الخليفة فرجع إلى بغداد كما قلناه لمدافعة دبيس وزنكي، وبلغه الخبر بهزيمة السلطان مسعود، فعبر إلى الجانب الغربي وسار إلى العبّاسة [٢] ، ولقيهما بحصن البرامكة آخر رجب. وكان في ميمنته جمال الدولة إقبال، وفي ميسرته مطر الخادم فانهزم إقبال لحملة زنكي، وحمل الخليفة ومطر على دبيس فانهزم، وتبعه زنكي فاستمرّت الهزيمة عليهم وافترقوا، ومضى دبيس إلى الحلّة وكانت بيد إقبال، وجاءه المدد من بغداد فلقي دبيس وهزمه، ثم تخلّص بعد


[١] هكذا بالأصل وفي الكامل ج ١٠ ص ٦٧٧: «وعلى ميمنته قراجة الساقي والأمير قزل، وعلى ميسرته يرنقش بازدار، ويوسف جاووش، وغيرهما، وكان قزل قد واطأ سنجر على الانهزام» .
[٢] العباسية: ابن الأثير ج ١٠ ص ٦٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>