خيمته عليلا ووصل الى القلعة ليلة الثلاثاء رابعة سفره فتنكر له الحراس وطولع مقدّم الطواشية فطلب منهم امارة على صدقهم فأعطوها ثم دخل فعرفوه وباكر الميدان يوم الخميس فسرّ به الناس ثم قضى حاجة نفسه وخرج ليلة الإثنين عائدا الى الشام كما جاء فوصل الى مخيمه ليلة الجمعة تاسع عشر شعبان وفرح الأمراء بقدومه ثم فرق البعوث في الجهات وأغاروا على صور وملكوا احدى الضياع وساحوا في بسيط كركو فاكتسحوها وامتلأت أيديهم بالغنائم ورجعوا والله تعالى أعلم.
[استيلاء الظاهر على صهيون]
كان صلاح الدين بن أيوب قد أقطعها يوم فتحها وهي سنة أربع وثمانين وخمسمائة لناصر الدين منكبرس فلم تزل بيده الى أن هلك وولي فيها بعده ابنه مظفر الدين عثمان وبعده ابنه سيف الدين بن عثمان واستبدّ الترك بمصر وبعث سيف الدين أخاه عماد الدين سنة ستين بالهدايا الى الملك الظاهر بيبرس فقبلها وأحسن اليه ثم مات سيف الدين سنة تسع وستين وكان أوصى أولاده بالنزول للظاهر عن صهيون فوفد ابناه سابق الدين وفخر الدين على السلطان بمصر فأكرمهما وأقطعهما وولى سابق الدين منهما أميرا وولى على صهيون من قبله ولم يزل كذلك الى أن غلب عليها سنقر الأشقر عند ما انتقض بدمشق أيام المنصور والله تعالى أعلم.
نهوض الظاهر الى الحج
ثم بلغ الظاهر أنّ أبا نمي بن أبي سعد بن قتادة غلب عمه إدريس بن قتادة على مكة واستبدّ بها وخطب للظاهر فكتب له بالامارة على مكة واعتزم على النهوض الى الحج وتجهز لذلك سنة سبع وستين وأزاح علل أصحابه وشيع العساكر مع آقسنقر الفارقاني استاذ داره الى دمشق وسار الى الكرك موريا بالصيد وانتهى الى الشويك ورحل منه لإحدى عشرة ليلة من ذي القعدة ومرّ بالمدينة النبويّة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم فأحرم من ميقاتها وقدم مكة لخمس من ذي الحجة وغسل الكعبة بيده وحمل لها الماء على كتفه وأباح للمسلمين دخولها وأقام على بابها يأخذ بأيديهم ثم قضى حجه ومناسكه وولى نائبا على مكة شمس الدين مروان وأحسن الى الأمير أبي نمي والى صاحب ينبع وخليص وسائر شرفاء الحجاز وكتب الى صاحب اليمن: اني بمكة وقد وصلتها في سبع عشرة خطوة ثم فصل من