يشفعه فرحل مغاضبا وأجفلوا الى جبلة وانتقض أمرهم وهلك السلطان ملك شاه سنة خمس وثمانين ببغداد وقد كان سار الى بغداد وسار تتش أخوه من دمشق للقائه وبلغه في طريقه خبر وفاته وتنازع ولده محمود وبركيارق الملك فاعتزم على طلب الأمر لنفسه ورجع الى دمشق فجمع العساكر وقسم العطاء وسار الى حلب فأعطاه آقسنقر الطاعة لصغر أولاد ملك شاه والتنازع الّذي بينهم وحمل صاحب انطاكية وبوزان صاحب الرها وحران على طاعته وساروا جميعا في محرّم سنة ست وثمانين فحاصروا الرحبة وملكوها وخطب فيها تتش لنفسه ثم ملك نصيبين عنوة واستباحها وأقطعها لمحمد بن مسلم بن قريش ثم سار الى الموصل وبها إبراهيم بن قريش بن بدران وبعث اليه في الخطبة على منابرة فامتنع وبرز للقائه في ثلاثين ألفا وكان تتش في عشرة آلاف والتقوا بالمضيع من نواحي الموصل فانهزم إبراهيم وقتل واستبيحت أحياء العرب وقتل أمراؤهم وأرسل الى بغداد في طلب الخطبة فلم يسعف الا بالوعد ثم سار الى ديار بكر فملكها في ربيع الآخر وسار منها الى أذربيجان وكان بركيارق بن ملك شاه قد استولى على الريّ وهمذان وكثير من بلاد الجبل فسار في العساكر لمدافعته فلما تقاربا نزع آقسنقر وبوزان الى بركيارق وعاد تتش منهزما الى الشام وجمع العساكر واستوعب في الحشد وسارا الى آقسنقر في حلب فبرز اليه ومعه بوزان صاحب الرها وكربوقا الّذي ملك الموصل فيما بعد ولقيهم تتش على ستة فراسخ من حلب فانهزموا وجيء بأقسنقر أسيرا فقتله صبرا ولحق كربوقا وبوزان بحلب فحاصرها تتش وملكها وأخذهما أسيرين وبعث الى حران والرها في الطاعة فامتنعوا فقتل بوزان وملكهما وحبس كربوقا بحمص ثم سار الى الجزيرة فملكها جميعا ثم الى ديار بكر وخلاط ثم آذربيجان ثم همذان وبعث الى بغداد في الخطبة وكان بركيارق يومئذ بنصيبين فعبر دجلة الى اربل ثم منها الى بلد سرحاب بن بدر وسار الأمير يعقوب بن ارتق من عسكر تتش فكبسه وهزمه ونجا الى أصبهان فكان من خبره ما تقدّم وبعث تتش يوسف ابن ارتق التركماني شحنة الى بغداد فمنع منها فعاث في نواحيها ثم بلغه مهلك تتش فعاد الى حلب وهذه الاخبار كلها قد تقدّمت في أوّل دولة السلجوقية وانما ذكرناها هنا توطئة لدولة بني تتش بدمشق وحلب والله أعلم.
[مقتل تتش]
ولما انهزم بركيارق أمام عمه تتش لحق بأصبهان وبها محمود وأهل دولته فأدخلوه وتشاوروا في قتله ثم أبقوه الى إبلال محمود من مرضه فقدر هلاك محمود وبايعوا لبركيارق فبادر الى