للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليل وهما نائمان وكان لا يحجب عنه وإليه الخاتم والسكة فأخبره بموت عبد العزيز أخيه.

فقال روح: كفانا الله ما نريد ثم ضم مصر إلى ابنه عبد الله بن عبد الملك وولّاه عليها.

ويقال: إنّ الحجاج كتب إلى عبد الملك يزيّن له بيعة الوليد فكتب إلى عبد العزيز إني رأيت أن يصير الأمر إلى ابن أخيك، فكتب له أن تجعل الأمر له من بيعة فكتب له إني أرى في أبي بكر ما ترى في الوليد. فكتب له عبد الملك أن يحمل خراج مصر فكتب إليه عبد العزيز إني وإياك يا أمير المؤمنين قد أشرفنا على عمر أهل بيتنا ولا ندري أينا يأتيه الموت فلا تفسد عليّ بقية عمري فرقّ له عبد الملك وتركه. (ولما) بلغ الخبر بموت عبد العزيز عبد الملك أمر الناس بالبيعة لابنه الوليد وسليمان، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان. وكان على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي فدعا الناس إلى البيعة فأجابوا وأبى سعيد بن المسيّب فضربه ضربا مبرحا وطاف به وحبسه. وكتب عبد الملك إلى هشام يلومه ويقول: إنّ سعيدا ليس عنده شقاق ولا نفاق ولا خلاف وقد كان ابن المسيّب امتنع من بيعة ابن الزبير فضربه جابر بن الأسود عامل المدينة لابن الزبير ستين سوطا، وكتب إليه ابن الزبير يلومه.

وقيل إنّ بيعة الوليد وسليمان كانت سنة أربع وثمانين والأوّل أصح. وقيل قدم عبد العزيز على أخيه عبد الملك من مصر فلما فارقه وصّاه عبد الملك فقال: أبسط بشرك وألن كنفك وآثر الرّفق في الأمور فهو أبلغ لك، وانظر حاجبك وليكن من خير أهلك فإنه وجهك ولسانك. ولا يقفنّ أحد ببابك إلا أعلمك مكانه لتكون أنت الّذي تأذن له أو تردّه، فإذا خرجت إلى مجلسك فابدأ جلساءك بالكلام يأنسوا بك وتثبت في قلوبهم محبتك، وإذا انتهى إليك مشكل فاستظهر عليه بالمشورة فإنّها تفتح مغاليق الأمور المبهمة واعلم أنّ لك نصف الرأي ولأخيك نصفه ولن يهلك امرؤ عن مشورة وإذا سخطت على أحد فأخّر عقوبته فإنك على العقوبة بعد التوقف عنها أقدر منك على ردّها بعد إصابتها.

[وفاة عبد الملك وبيعة الوليد]

ثم توفي عبد الملك منتصف شوال سنة ست وثمانين وأوصى إلى بنيه فقال: أوصيكم بتقوى الله فإنّها أزين حلية وأحصن كهف، ليعطف الكبير منكم على الصغير، وانظروا مسلمة فاصدروا عن رأيه فإنه نابكم الّذي عنه تفترّون، ولحيكم الّذي عنه ترمون وأكرموا الحجّاج فإنه الّذي وطّأ لكم المنابر، ودوّخ لكم البلاد، وأذلّ لكم مغنى الأعداء. وكونوا بني أم بررة لا تدب بينكم العقارب. وكونوا في الحرب أحرارا فإنّ القتال لا يقرّب منيّة وكونوا

<<  <  ج: ص:  >  >>