للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا ابن عتو وصخر بن موسى وعلي بن منصور فقطّعهم من خلاف، واعتقل الباقي، وسيقت العساكر إلى تونس. ثم جاء السلطان على أثرهم ودخل الحضرة في الزي والاحتفال في جمادى الآخرة من سنته، وخفتت الأصوات وسكنت الدهماء وانقبضت أيدي أهل الفساد، وانقرض أمر الموحدين إلّا أذيالا في بونة فإنه عقد عليها للمولى الفضل ابن مولانا أبي بكر لمكان صهره ووفادته عليه بين يدي مهلك أبيه. ثم ارتحل السلطان إلى القيروان ثم إلى سوسة والمهديّة وتطوّف على المعالم التي بها، ووقف على آثار ملوك الشيعة وصنهاجة في مصانعها ومبانيها، والتمس البركة في زيارة القبور التي تذكر للصحابة والسلف من التابعين والأولياء في ساحتها، وقفل إلى تونس فدخلها آخر شعبان والله تعالى أعلم.

(الخبر عن ولاية الأمير أبي العباس الفضل على بونة وأوّلية ذلك ومصايره)

كان السلطان أبو الحسن قد أصهر إلى السلطان أبي بكر قبيل مهلكه في إحدى كرائمه، وأوفد عليه في ذلك عريف بن يحيى كبير بني سويد من زغبة وصاحب شواره وخالصة سرّه وفد من رجالات دولته من طبقات الفقهاء والكتاب والموالي كان فيهم صاحب الفتيا بمجلسه أبو عبد الله السطي وكاتب دولته أبو الفضل عبد الله بن أبي مدين وأمير الحرم عنبر الخصيّ، فاسعفه السلطان وعقد له على حظيته عزونة شقة ابنه الفضل وزفها إليه بين يدي مهلكه مع أخيها الفضل، ومعه أبو محمد عبد الواحد ابن الجماز [١] من مشيخة الموحّدين، وأدركهم الخبر بمهلك السلطان في طريقهم. فلما قدموا على السلطان أبي الحسن تقبلهم بقبول حسن، ورفع مجلس الفضل، واستتبّ له ملكها فأعرض عن ذكر ذلك، إلّا أنه رعى له ذمّة الصهر وسابقة الوعد فأسعفه [٢] بالعقد على بونة مكان عملة منذ أيام أبيه، وأنزله بها عند ما رحل عنها إلى تونس. وانقمع [٣] المولى الفضل من ذلك حقدا لما يرجوه من تجافيهم له عن ملك


[١] وفي النسخة الباريسية: أكمازير وفي نسخة ثانية أكماز.
[٢] وفي نسخة أخرى: فأقنعه.
[٣] وفي نسخة أخرى: واضطغن.

<<  <  ج: ص:  >  >>