للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأوسع الكل حبا وتكرمة، وأسنى الصلات والجوائز وعقد لكل منهم على بلده وعمله. وبعث مع أهل الجزائر الولاة للجباية لنظر مسعود بن إبراهيم اليرنياوي [١] من طبقة وزرائه، وأغذّ السير إلى بجاية، فلما أطلت عساكره عليها توافر أهلها في الامتناع، ثم أنابوا وخرج أميرها أبو عبد الله محمد ابن الأمير أبي زكريا فآتاه طاعته، وصرفه إلى المغرب مع إخوانه، وأنزله ببلد ندرومة. وأقطع له الكفاية من جبايتها وبعث على جباية عمّاله وخلفائه [٢] . وسار إلى قسنطينة فخرج إليه أبناء الأمير أبي عبد الله يقدمهم كبيرهم الأمير أبو زيد وآتوه طاعتهم، وأقبل عليهم وصرفهم إلى المغرب وأنزلهم بوجدة وأقطعهم جبايتها، وأنزل بقسنطينة خلفاء وعمّاله، وأطلق القرابة من مكان اعتقالهم بها، وفيهم أبو عبد الله محمد أخو السلطان أبي بكر وبنوه، ومحمد ابن الأمير خالد وإخوانه وبنوه، وأصارهم في جملته حتى صرفهم إلى المغرب من الحضرة من بعد ذلك.

ووفد عليه هنالك بنو حمزة بن عمرو مشايخ قومهم الكعوب فأخبروه باجفال المولى أبي حفص من تونس مع ظواعن أولاد مهلهل، واستحثّوه باعتراضهم قبل لحاقهم بالقفر، وسرّح معهم العساكر في طلبه لنظر حمو العشري من مواليه، وسرّح عسكرا آخر إلى تونس لنظر يحيى بن سليمان من بني عسكر ومعه أبو العبّاس بن مكي، وسارت العساكر لطلب الأمير أبي حفص فأدركوه بأرض الحامة من جهات قابس، وضبحوهم فدافعوا عن أنفسهم بعض الشيء، ثم انفضّوا وكبابا لأمير أبي حفص جواده في بعض نافقاء اليرابيع [٣] ، وانجلت الغيابات عنه وعن مولاه ظافر راجلين فتقبّض عليهما، وأوثقهما قائد الكتائب بيده، حتى إذا جنّ الليل وتوقّع أن يفلتهما العرب من أساره قبل أن يصل بهما إلى مولاه فذبحهما، وبعث برءوسهما إلى السلطان أبي الحسن فوصلا إليه بباجة.

وخلص الفلّ من الواقعة إلى قابس، فتقبّض عبد الملك بن مكي على رجالات من أهل الدولة، كان فيهم أبو القاسم بن عتو من مشيخة الموحدين وصخر بن موسى بن رجالات سدويكش وغيرهما من أعيان الدولة، فبعث بهم ابن مكي إلى السلطان.


[١] وفي نسخة ثانية: اليرنياني.
[٢] وفي نسخة ثانية: الكفاف من جبايتها وبعث على بجاية عماله وخلفاءه.
[٣] كذا في النسخة الباريسية ونافقاء اليربوع: جحره. وفي نسخة أخرى تافقاء الجرابيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>