للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(غزوة تنيشرة [١] )]

كان صاحب تنيشرة عاليا في الكفر والطغيان، وانتهى الخبر إلى السلطان في ناحيته من الفيلة فيلة من الفيتلمان [٢] الموصوفة في الحروب، فاعتزم السلطان على غزوة، وسار إليه في مسالك صعبة وعرة بين أودية وقفارات حتى انتهى إلى نهر طام قليل المخاضة وقد استندوا من ورائه إلى سفح جبل، فسرّب إليهم جماعة من الكماة خاضوا النهر وشغلوهم بالقتال حتى تعدّت بقية العسكر. ثم قاتلوهم وانهزموا، واستباحهم المسلمون وعادوا إلى غزنة ظافرين ظاهرين. ثم غزا السلطان على عادته فضل الأدلاء طريقهم فوقع السلطان في مخاضات من المياه غرق فيها كثير من العسكر، وخاض الماء بنفسه أياما حتى تخلّص ورجع إلى خراسان.

[(استيلاء السلطان على خوارزم)]

كان مأمون بن محمد صاحب الجرجانية من خوارزم، وكان مخلصا في طاعة الرضى نوح أيام مقامه في آمد كما مرّ، فأضاف نسا إلى عمله فلم يقبلها المودّة بينه وبين أبي علي ابن سيجور. وكان من خبره مع ابن سيجور واستنقاذه إياه من أسر خوارزم شاه سنة ست وثمانين وثلاثمائة ما مرّ ذكره، وصارت خوارزم كلها له. ثم هلك وملك مكانه أبو الحسن علي. ثم هلك وملك مكانه ابنه مأمون، وخطب إلى السلطان محمود بعض كرائمه فزوّجه أخته. واتحد الحال بينهما الى أن هلك، وولّي مكانه أبو العبّاس مأمون، ونكح أخته كما نكحها أخوه من قبله. ثم دعاه إلى الدخول في طاعته، والخطبة له، كما دعا الناس، فمنعه أصحابه وأتباعه، وتوجّس الخيفة من السلطان في ذلك، فرجعوا إلى الفتك به، فقتلوه وبايعوا ابنه داود. وازداد خوفهم من السلطان في ذلك، فتعاهدوا على الامتناع ومقدّمهم التكين البخاريّ. وسار


[١] تانيسر: ابن الأثير ج ٩ ص ٢٤٧.
[٢] الصليمان: ابن الأثير ج ٩ ص ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>