وعاد أقطاي إلى مكانه من الدولة وأوعز المعز أيبك إلى الأفرم بالمقام لتمهيد بلاد الصعيد وأن يكون الصميري في خدمته وبلغه وهو هناك أنّ المعز عدا على أقطاي وقتله وأنّ أصحابه البحرية فرّوا إلى الشام فاستوحش وأظهر العصيان واستدعى الشريف أبا ثعلب وتظاهر معه على الفساد وجمعوا الأعراب من كل ناحية ثم بعث المعز سنة ثلاث وخمسين شمس الدين اليرلي في العساكر فهزمهم واعتقل الشريف فلم يزل في محبسه إلى أن قتله الظاهر ونجا الأفرم في فل من مواليه إلى الواحات ثم اعتزم على قصد الشام فرجع إلى الصعيد مع جماعة من أعراب جذام مروا به على السويس والطور ورجع عنه مواليه إلى مصر ولما انتهى إلى غزة تولع به الناصر فأذنه بالقدوم عليه بدمشق وركب يوم وصوله فتلقاه بالكسوة وأعطاه خمسة آلاف دينار ولم يزل عنده بدمشق إلى أن هرب البحرية من الكرك إلى مصر كما يذكر فخشي أن يأخذه الناصر وكاتب الأتابك قطز بمصر وسار إليه فقبله أوّلا ثم قبض عليه بعد ذلك واعتقله بالإسكندرية وكان الصميري قد بقي بعد الافرم في ولاية الصعيد واستفحل فيه فسوّلت له نفسه الاستبداد ولم يتمّ له فهرب إلى الناصر سنة أربع وخمسين انتهى والله تعالى أعلم.
[مقتل المعز أيبك وولاية ابنه علي المنصور]
كان المعز أيبك عند ما استفحل أمره ومهد سلطانه ودفع الأعداء عن حوزته طمحت نفسه إلى مظاهرة المنصور صاحب حماة ولؤلؤ صاحب الموصل ليصل يده بهما وأرسل إليهما في الخطبة وأثار ذلك غيرة من زوجته شجرة الدرّ وأغرت به جماعة من الخصيان منهم محسن الخزري وخصى العزيزي ويقال سنجر الخادمان فبيتوه في الحمام بقصره وقتلوه سنة خمس وخمسين لثلاث سنين من ولايته وسمع مواليه الناعية من جوف الليل فجاءوا مع سيف الدين قطز وسنجر الغتمي وبهادر فدخلوا القصر وقبضوا على الجوجريّ فقتلوه وفرّ سنجر العزيزي إلى الشام وهموا بقتل شجرة الدرّ وقام الموالي الصالحية دونها فاعتقلوها ونصبوا للملك علي بن المعز أيبك ولقبوه المنصور وكان أتابكه علم الدين سنجر الحلي واشتمل موالي المعز على ابنه المنصور فكبسوا علم الدين سنجر واعتقلوه وولوا مكانه أقطاي المعزي الصالحي مولى العزيز على الدولة في نقضها وإبرامها سنة ست وخمسين وأغرته أمّ المنصور بالصاحب شرف الدين الغازي لأنّ المعز كان يستودعه سراياه عنده فاستصفاه وقتله وفي هذه السنة توفي زهير بن