أهل القصبة النيران بالجبل علامة على أمرهم ليراها ابن الأحمر. وكان مقيما بمالقة، فبادر بتجهيز الأسطول مشحونا بالمقاتلة مددا لهم. ثم استدعى السلطان أبو العباس من مكانه بالحمراء، وأركبه السفين إلى القصبة في غرّة صفر سنة تسع وثمانين وسبعمائة وأشرف عليهم من الغد وناداهم من السور يدعوهم إلى طاعته. فلمّا رأوه اضطربوا وافترقوا وخرج إليهم، فنهب سوادهم ودخلوا في طاعته متسايلين، ورجع جمهور العسكر ومقدّموهم إلى طنجة واستولى السلطان على مدينة سبتة. وبعث إليه ابن الأحمر بالنزول عنها، وردّها إليه فاستقرت في ملكه وكملت بها بيعته، وكان يوليه أمر الأضياف الواردين والله تعالى أعلم.
[مسير السلطان أبي العباس من سبتة لطلب ملكه بفاس ونهوض ابن ماسي لدفاعه ورجوعه منهزما]
ولما استولى السلطان أبو العباس على سبتة وتمّ له ملكها، واعتزم على المسير لطلب ملكه بفاس، وأغراه ابن الأحمر بذلك ووعده بالمدد لما كان من مداخلة ابن ماسي لجماعة من بطانته في أن يقتلوه ويملّكوا الرئيس الأبكم يقال: إنّ الّذي داخله في ذلك من بطانة ابن الأحمر يوسف بن مسعود البلنسيّ، ومحمد ابن الوزير أبي القاسم بن الحكيم الرنديّ وشعر بهم السلطان ابن الأحمر وهو يومئذ على جبل الفتح يطالع أمور السلطان أبي العبّاس، فقتلهم جميعا وإخوانهم. ويقال: إنّ ذلك كان بسعاية القائم على دولته مولاه خالد، كان يغصّ بهم ويعاديهم، فأخفى عليهم هذه [١] . وتمت سعايته بهم، فاستشاط ابن الأحمر غضبا على ابن ماسي، وبعث إلى السلطان أبي العبّاس يستنفره للرحلة إلى طلب ملكه، فاستخلف على سبتة رحّو ابن الزعيم المكرودي عاملها من قبل كما مرّ وسار إلى طنجة وعاملها من قبل الواثق صالح بن رحّو الياباني ومعه بها الرئيس الأبكم من قبل العساكر، فحاصرها أياما وامتنعت عليه فجمّر عنهم الكتائب وسار عنها إلى أصيلا، فدخلت في دعوته وملكها. ونهض الوزير من فاس في العساكر بعد أن استخلف أخاه يعيش على دار