للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن استيلاء السلطان أبي إسحاق على الحضرة)]

لما بلغ السلطان أبا إسحاق كتاب أخيه الأمير أبي حفص وابن جامع من بجاية، يادر مغذّا إليهم. ثم وافاه خبر انخلاع الواثق ابن أخيه بتونس، فارتحلوا جميعا وسائر أهل الحضرة على طبقاتهم إلى لقائه، وآتوا طاعتهم ودخل الحضرة منتصف الحجة آخر سنة ثمان وسبعين وستمائة ومحمد بن هلال شيخ دولته. وعقد على حجابته لأبي القاسم بن الشيخ كاتب أبي الحسين، وعلى خطة الأشغال لابن أبي بكر بن الحسن ابن خلدون [١] . كان وفد مع أبيه الحسن على الأمير أبي زكريا من إشبيليّة لذمّة رعاها لهم، لما كانت أمّ ولده أمّ الخلائف من هدايا ابن المحتسب أبي زكريا محلهم.

ورحل الحسن إلى المشرق ومات هنالك، وبقي ابنه أبو بكر بالحضرة فاستعمله الأمير أبو إسحاق لأوّل دخوله في خطة الأشغال، ولم يكن يليها إلا الموحّدون كما قلناه.

وعقد لفضل بن علي بن مزني على الزاب، ولم يكن أيضا يليها إلا الموحّدون. لكن رعى لفضل بن مزني ذمّة اغترابه معه إلى الأندلس، فعقد له على الزاب، ولأخيه عبد الواحد على بلاد قسطيلية. ثم تقبّض على أبي الحببّر وأمر باعتقاله ودفعه إلى موسى بن محمد بن ياسين للمصادرة والامتحان. ووجد مكان التمائم عليه طوابع وطلسمات مختلفة الأشكال والصور، وتسحر بها فيما زعموا مخدومه فحاق به وبالها.

وكان شأنه في الامتحان والاستحلاف والهلاك بالعذاب شأن سعيد بن أبي الحسين أيام صولته [٢] ، إلى أن هلك في شهر جمادى الأولى من سنته، والله لا يظلم مثقال ذرة.

ولما اعتقد السلطان أبو إسحاق كرسيّ ملكه، واستوثق عرى خلافته، تقبّض على محمد بن أبي هلال وقتله بجرّ [٣] نكبته سنة ست وسبعين وستمائة لما كان يتوقع منه من المكروه في الدولة وما عرف به من المساعي في الفتنة والله أعلم.


[١] وفي نسخة أخرى: وعلى خطة الأشغال لابن أبي الحسن بن خلدون.
[٢] وفي نسخة أخرى: شأن سعيد بن أبي الحسن منكوبه أيام دولته.
[٣] وفي نسخة أخرى: لحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>