خراسان وأزال الخوارج نظر فيمن يوليه خوارزم وكان نائبها أكنجي قد قتله كما مرّ فوقع اختياره على محمد بن أبي شكين فولاه ولقبه خوارزم شاه فحسنت سيرته وارتفع محله وأقرّه السلطان سنجر وزاده عناية بقدر كفايته واضطلاعه وغاب في بعض الأيام عن خوارزم فقصدها بعض ملوك الأتراك وكان طغرلتكين محمد الّذي كان أبوه أكنجي نائبا بخوارزم وبادر محمد بن أبي شكين الى خوارزم بعد أن استمدّ السلطان سنجر وسار بالعساكر مددا له وتقدم محمد بن أبي شكين فتأخر الأتراك الى منقشلاع ورحل طغرلتكين الى جرجان وازداد محمد بذلك عناية عند سنجر ولما توفي ولى ابنه بعده أقسر وأحسن السيرة وكان قد قاد الجيوش أيام أبيه وباشر الحروب فملك مدينة منقشلاع ولما توفي اختصه السلطان سنجر وكان يصاحبه في أسفاره وحروبه واتصل الملك في بني محمد أبي شكين خوارزم شاه وكانت لهم الدولة وتمت دولة بني ملك شاه وعليها كان ظهور الططر [١] بعد المائة السادسة ومنهم أخذوا الملك كما سيأتي في أخبارهم.
[استيلاء الافرنج على انطاكية وغيرها من سواحل الشام]
كان الافرنج قد ظهر أمرهم في هذه السنين وتغلبوا على صقلّيّة واعتزموا على قصد الشام وملك بيت المقدس وأرادوا المسير اليها في البرّ فراسلوا ملك الروم بالقسطنطينية أن يسهل لهم الطريق الى الشام فأجابهم على أن يعطوه انطاكية فعبروا خليج القسطنطينية سنة تسعين وأربعمائة وسار ارسلان بن سليمان بن قطلمش صاحب مرقيه وبلاد الروم لمدافعتهم فهزموه ثم مرّوا ببلاد ابن لبون الارمني ووصلوا الى انطاكية فحاصروها تسعة أشهر وصاحبها يومئذ باغي سيان فأحسن الدفاع عنها ثم تبوّءوا البلد بمداخلة بعض الحامية أصعدهم السور بعد أن رغبوه بالأموال والاقطاع وجاءوا الى السور فدلهم على بعض المخادع ودخلوا منه ونفخوا البوق فخرج باغي سيان هاربا حتى إذا كان على أربعة فراسخ راجع نفسه وندم فسقط مغشيا عليه ومرّ به أرمني فحمل رأسه الى انطاكية وذلك سنة احدى وتسعين وأربعمائة واجتمعت عساكر المسلمين وزحفوا الى انطاكية من كل ناحية ليرتجعوها من الافرنج وجاء قوام الدين كربوقا الى الشام واجتمعت عليه العساكر بمرج دابق فكان معه دقاق بن تتش وطغرلتكين أتابك وجناح الدولة صاحب حمص وارسلان تاش صاحب سنجار وسقمان بن أرتق