وفي سنة اثنتين وخمسين سار المهلبّي وزير معز الدولة إلى عمان ليفتحها، فلما ركب البحر طرقه المرض فعاد إلى بغداد، ومات في طريقه في شعبان من السنة، ودفن ببغداد. وقبض معزّ الدولة أمواله وذخائره وقبض على حواشيه وحبسهم، ونظر في الأمور بعده أبو الفضل بن العبّاس بن الحسن الشيرازي وأبو الفرج محمد بن العبّاس بن نساقجر، ولم يتسمّوا باسم الوزارة.
[(استيلاء معز الدولة ثالثا على الموصل)]
كان ناصر الدولة بن حمدان قد ضمن الموصل كما تقدّم، وأجابه معزّ الدولة إلى ضمانه، فبذل له ناصر الدولة زيادة على أن يدخل معه في الضمان أبو ثعلب فضل الله الغضنفر، ويحلف لهما معزّ الدولة فأبى من ذلك، وسار إلى الموصل منتصف ثلاث وخمسين وثلاثمائة ففارقها ابن حمدان الى نصيبين وملكها معز الدولة. ثم خرج إلى طلب ابن حمدان منتصف شعبان واستخلف على الموصل بكتوزون [١] وسبكتكين العجميّ وسار ابن حمدان عن نصيبين وملكها معزّ الدولة، وخالفه ابن حمدان إلى الموصل وحارب عسكر معز الدولة فيها فهزموه، وجاء الخبر إلى معزّ الدولة، فظفر أصحابه بابن حمدان، وسار ونزل جزيرة ابن عمر، فسار في اتباعه، فوصل سادس رمضان فوجده قد جمع أولاده وعساكره إلى الموصل، فأوقع بأصحاب معز الدولة وأسر الأميرين اللذين خلفا بها، واستولى على ما خلّفوه من مال وسلاح، وحمل الجميع مع الأسرى إلى قلعة كواشى، فأعيا معزّ الدولة أمره وهو من مكان إلى مكان في اتباعه، فأجابه إلى الصلح وعقد عليه ضمان الموصل وديار ربيعة والرحبة بمال قرّره، فاستقرّ الصلح على ذلك، وأطلق ابن حمدان الأسرى، ورجع معز الدولة إلى بغداد.