للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصوفيّة من حضرته فأغلظ له في الموعظة فأهانه زنكي وحبسه، فاعتزم المسترشد على حصار الموصل وبعث بذلك إلى السلطان مسعود، وسار من بغداد منتصف شعبان سنة سبع وعشرين في ثلاثين ألف مقاتل. ولما قارب الموصل فارقها زنكي ونزل بها نائبة نصير الدين حقر، ولحق بسنجر وأقام يقطع المدد والميرة عن عسكر المسترشد حتى ضاقت بهم الأمور، وحاصرها المسترشد ثلاثة أشهر فامتنعت عليه ورحل عائدا إلى بغداد، فوصل يوم عرفة من سنته. يقال إن مطرا الخادم جاء من عسكر السلطان مسعود لأنه قاصد العراق فارتحل لذلك.

[مصاف طغرل ومسعود وانهزام مسعود]

ولما عاد مسعود الى همذان بعد انهزام أخيه طغرل، بلغه انتقاض داود ابن أخيه محمود بأذربيجان فسار إليه وحصره ببعض قلاعها، فخالفه طغرل إلى بلاد الجبل، واجتمعت عليه العساكر ففتح كثيرا من البلاد، وقصد مسعودا وانتهى إلى قزوين فسار مسعود للقائه، وهرب من عسكره جماعة كان طغرل قد داخلهم واستمالهم، فولّى مسعود منهزما آخر رمضان سنة ثمان وعشرين، واستأذن المسترشد في دخول بغداد وكان نائبة بأصبهان البقش السلاميّ، ومعه أخوه سلجوق شاه، فلمّا بلغهم خبر الهزيمة لحقوا ببغداد، ونزل سلجوق بدار السلطان، وبعث إليه الخليفة بعشرة آلاف دينار. ثم قدم مسعود بعدهم ولقي في طريقه شدة وأصحابه بين راجلين وركاب فبعث إليهم المسترشد بالمقام والخيام والأموال والثياب والآلات، وقرّب إليهم المنازل، ونزل مسعود بدار السلطنة ببغداد منتصف شوّال سنة ثمان، وأقام طغرل بهمذان.

[وفاة طغرل واستيلاء السلطان مسعود]

ولمّا وصل مسعود إلى بغداد أكرمه المسترشد، ووعده بالمسير معه لقتال أخيه طغرل، وأزاح علل عسكره واستحثه لذلك، وكان جماعة من أمراء السلجوقية قد ضجروا من الفتنة، ولحقوا بالمسترشد فساروا معه ودسّ إليهم طغرل بالمواعيد فارتاب المسترشد ببعضهم، واطلع على كتاب طغرل إليه، وقبض عليه ونهب ماله، فلحق الباقون بالسلطان، وبعث فيهم المسترشد فمنعهم السلطان فحدثت بينهم الوحشة لذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>