بمصر ونزل بدار العزيز وتلقّاه بالمبرّة والتكريم، وطال به ثواؤه واستكفى به العظائم، ولما استصرخ فلفول بن خزرون بالحاكم في استرجاع طرابلس من يد صنهاجة المتغلّبين عليه، دفع إليه العساكر وعقد عليها ليحيى بن عليّ، واعترضه بنو قرّة من الهلاليّين ببرقة ففلّوه وفضّوا جموعه ورجع إلى مصر ولم يزل بمصر إلى أن هلك هنالك، والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
الخبر عن القرامطة واستبداد أمرهم وما استقرّ لهم من الدولة بالبحرين وأخبارها إلى حين انقراضها
هذه الدعوة لم يظهرها أحد من أهل نسب العلويّة ولا الطالبيّين، وإنما قام بها دعاة المهدي من أهل البيت على اختلاف منهم في تعيين هذا المهدي كما نذكره. وكان مدار دعوتهم على رجلين أحدهما يسمّى الفرج بن عثمان القاشاني من دعاة المهدي ويسمى أيضا كرويه بن مهدويه وهو الّذي انتهى إليه دعاتهم بسواد الكوفة، ثم بالعراق والشام، ولم يتم لهؤلاء دولة، والآخر يسمّى أبا سعيد الحسن بن بهرام الجنابي، كانت دعوته بالبحرين واستقرّت له هنالك دولة ولبنيه. وانتسب بعض مزاعمهم إلى دعاة الإسماعيليّة الذين كانوا بالقيروان كما نذكره. ودعوى هؤلاء القرامطة في غاية الاضطراب مختلّة العقائد والقواعد، منافية للشرائع والإسلام في الكثير من مزاعمهم، وأوّل من قام بها بسواد الكوفة سنة ثمان وسبعين ومائتين رجل أظهر الزهد والتقشّف، وزعم أنه يدعو إلى المهدي وأن الصلوات المفروضة خمسون كل يوم، واستجاب له جمع كثير ولقّب قرمط وأصلها بالكاف. وكان يأخذ من كل من يجيب دعوته دينارا للإمام. وجعل عليهم نقباء وسمّاهم الحواريّين، وشغل الناس بذلك عن شئونهم وحبسه عامل الناحية ففرّ من محبسه ولم يوقف له على خبر، فازداد أتباعه فتنة فيه ثم زعم أنه الّذي بشّر به أحمد بن محمد بن الحنفيّة. وأن أحمد نبيّ وفشا هذا المذهب في السواد وقرئ بينهم كتاب زعموا أنه جاءهم من داعيه المهدي نصّه بعد البسملة، يقول الفرج بن عثمان: الحمد للَّه بكلمته وتعالى باسمه المنجد لأوليائه بأوليائه قل إن الأهلّة مواقيت للناس، ظاهرها لتعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام، وباطنها أوليائي الذين عرّفوا عبادي سبيلي اتّقوني يا أولي