للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنيات الأرزاق والتحقوا على حديث عهدهم بالقوم من أولياء الدولة. ثم كان بعد ذلك شأن اعتقالهم على طريق التأديب لمرتكب من نازعهم خرقوا به حدود الآداب مع الخلافة، فاستدعوا إلى القصر واعتقلوا، ثم أطلقوا لأيام قلائل لما انغمس الحكم في علّة الفالج، وركدت ريح المروانية بالمغرب، واحتاجت الدولة إلى رجالهم لسد الثغور ودفع العدو، واستدعي يحيى بن هاشم من العدوة، وكان واليا على فاس والمغرب، وأدا له الحاجب المصحفي لجعفر بن على بن حمدون، وجمعوا بين الانتفاع في مقارعة زناتة بالعدوة والراحة مما يتوقع منه على الدولة عند من ولي الخلافة، لما كانوا صاروا إليه من النكبة وطروق المحنة فعقدوا له ولأخيه يحيى على المغرب، وخلعوا عليهما وأمكنوهما من مال وكسا فاخرة للخلع على ملوك العدوة، فنهض جعفر إلى المغرب سنة خمس وستين وضبطه، واجتمع إليه ملوك زناتة من بني يفرن ومغراوة وسجلماسة. ولما هلك الحكم وولي هشام، وقام بأمره المنصور بن أبي عامر، اقتصر لأوّل قيامه على سبتة من بلاد العدوة فضبطها جند السلطان ورجال الدولة، وقلّدها أرباب السيوف والأقلام من الأولياء والحاشية وعدل في ضبطه على ما وراء ذلك على ملوك زناتة ونقدهم بالجوائز والخلع وصار إلى إكرام وفودهم وإثبات من رغب الإثبات في ديوان السلطان منهم، فجدّوا في ولاية الدولة وبثّ الدعوة، وفسد ما بين هذين الأميرين جعفر وأخيه، واقتطع يحيى مدينة البصرة لنفسه وذهب بأكثر الرجال. ثم كانت على جعفر النكبة التي نكبته بنو غواطة في غزاته إياهم. ثم استدعاه محمد بن أبي عامر لأوّل أمره لما رأى من الاستكانة إليه وشد أزره به ونقم عليه كراهته لما لقيه بالأندلس من الحكم، ثم أصحبه وتخلّى لأخيه عن عمل المغرب، وأجاز البحر إلى ابن أبي عامر فحلّ منه بالمكان الأثير. ولما زحف بلكّين إلى المغرب سنة تسع وستين زحفته المشهورة خرج محمد بن أبي عامر من قرطبة إلى الجزيرة لمدافعته بنفسه، وأجاز جعفر بن علي إلى سبتة وعقد له على حرب بلكين وأمدّه بمائة حمل من المال، وانضمت إليه ملوك زناتة ورجع عنهم بلكّين كما نذكره. ولما رجع إلى ابن أبي عامر فاغتاله في بعض ليالي معاقرتهم وأعدّ له رجالا في طريقه من سمره إلى داره فقتلوه سنة [١] ولحق يحيى بن عليّ


[١] هكذا بياض بالأصل وفي وفيات الأعيان لابن خلّكان ج ١ ص ٢٨٦: «توفي يوم الأحد لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>