للحجابة فسار إلى واسط، وطلب محمد بن ياقوت الحجابة فأجيب إليها فسار في أثر ابن رائق، وبلغ ابن رائق الخبر فسار من واسط مسابقا لابن ياقوت بالمدائن توقيع الراضي بالحرب، والمعادن في واسط مضافا إلى ما بيده من البصرة والمعادن، فعاد منحدرا في دجلة ولقيه ابن ياقوت مصعدا ودخل بغداد وولّى الحجبة وصارت إليه رياسة الجيش ونظر في أمر الدواوين وأمرهم بحضور مجلسه، وأن لا ينفذوا توقيعا في ولاية أو عزل أو اطلاق إلّا بخطّه، وصار نظر الوزير في الحقيقة له وابن مقلة مكابر مجلسه مع جملتهم ومتميز عنهم في الإيثار والمجلس فقط.
[مقتل هارون]
كان هارون بن غريب الحال على ماه الكوفة والدّينور وماسبذان وسائر الأعمال التي ولّاها القاهر إيّاه، فلمّا خلع القاهر واستخلف الراضي رأى هارون أنه أحق بالدولة من غيره لأنه ابن خال المقتدر، فكاتب القوّاد ووعدهم وسار من الدّينور إلى خافقين وشكا ابن مقلة وابن ياقوت والحجريّة والساجيّة إلى الراضي فأذن لهم في منعه، فراسلوه أوّلا بالممانعة. والزيادة على ما في يده من الأعمال، فلم يلتفت إليهم وشرع في الجباية فقويت شوكته، فسار إليه محمد بن ياقوت في العساكر وهرب عنه بعض أصحابه إلى هارون، وكتب إلى هارون يستميله فلم يجب، وقال: لا بدّ من دخول بغداد. ثم تزاحفوا لست بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين، فانهزم أوّلا أصحاب ابن ياقوت ونهب سوادهم وسار محمد حتى قطع قنطرة تبريز، وسار هارون منفردا لاعتراضه، فدخل في بعض المياه وسقط عن فرسه، ولحقه غلام لمحمد بن ياقوت فقطع رأسه وانهزم أصحابه وقتل قوّاده وأسر بعضهم ورجع ابن ياقوت إلى بغداد ظافرا.
[نكبة ابن ياقوت]
قد ذكرنا أنه كان نظر في أمر الدواوين وصيّر ابن مقلة كالعاطل، فسعى به عند القاضي وأوهمه خلافه حتى أجمع القبض عليه في جمادى سنة ثلاثة وعشرين، فجلس الخليفة على عادته وحضر الوزير وسائر الناس على طبقاتهم يريد تقليد جماعة من القوّاد للأعمال. واستدعى ابن ياقوت للخدمة في الحجبة على عادته، فبادر وعدل به إلى حجرة فحبس فيها وخمّار. وبعث الوزير ابن مقلة إلى دار محمد من