صرفه وسفر بينهما الناس في الصلح على أن يخرج الكرماني من خراسان وتجهّز للخروج إلى جرجان.
[أمان الحرث بن شريح وخروجه من دار الحرث]
لما وقعت الفتنة بخراسان بين نصر والكرماني خاف نصر أن يستظهر الكرماني عليه بالحرث بن شريح، وكان مقيما ببلاد الترك منذ اثنتي عشرة سنة كما مرّ، فأرسل مقاتل بن حيّان النبطي يراوده على الخروج من بلاد الترك، بخلاف ما يقتضي له الأمان من يزيد بن الوليد وبعث خالد بن زياد البديّ الترمذيّ وخالد بن عمرة مولى بني عامر لاقتضاء الأمان له من يزيد، فكتب له الأمان وأمر نصرا أن يردّ عليه ما أخذ له، وأمر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عامل الكوفة أن يكتب لهما بذلك أيضا. ولما وصل إلى نصر بعث إلى الحرث بذلك فلقيه الرسول راجعا مع مقاتل بن حيّان وأصحابه ووصل سنة سبع وعشرين في جمادى الأخيرة وأنزله نصر بمرو، وردّ عليه ما أخذ له، وأجرى عليه كل يوم خمسين درهما وأطلق أهله وولده. وعرض عليه أن يولّيه ويعطيه مائة ألف دينار فلم يقبل. وقال: لست من الدنيا واللذات في شيء، وإنما أسأل كتاب الله والعمل بالسنة وبذلك أساعدك على عدوّك، وإنّما خرجت من البلاد منذ ثلاث عشرة سنة إنكارا للجور فكيف تزيدني عليه؟ وبعث إلى الكرماني: إن عمل نصر بالكتاب عضدته في أمر الله ولا أعتبك إن ضمنت لي القيام بالعدل والسنّة. ثم دعا قبائل تميم فأجاب منهم ومن غيرهم كثير واجتمع إليه ثلاثة آلاف وأقام على ذلك.
[انتقاض مروان لما قتل الوليد]
كان مروان بن محمد بن مروان على أرمينية وكان على الجزيرة عبدة بن رياح العباديّ. وكان الوليد قد بعث بالصائفة أخاه فبعث معه مروان ابنه عبد الملك. فلما انصرفوا من الصائفة لقيهم بجرزان حين مقتل الوليد، وسار عبدة عن الجزيرة.
فوثب عبد الملك بالجزيرة وجرزان فضبطهما، وكتب إلى أبيه بأرمينية يستحثه، فسار طالبا بدم الوليد بعد أن أرسل إلى الثغور من يضبطها. وكان معه ثابت بن نعيم الجذامي من أهل فلسطين، وكان صاحب فتنة. وكان هشام قد حبسه على إفساد