ولما خرج الأمير نوح عن بخارى عبر النهر واستقر بآمل الشط، وكاتب أبا علي بن سيجور يستحثّه للنصرة، وكاتب فائقا أيضا يستصرخه فلم يصرخه أحد منهما. وبلغه مسير بقراخان عن بخارى فأغذّ السير إليها، وعاود الجلوس على كرسي ملكه، وتباشر الناس بقدومه. ثم بلغه مهلك بقراخان فتزايد سرورهم، ولما عاد الأمير نوح إلى بخارى ندم أبو علي على ما فرّط فيه من نصرته، وأجمع الاستظهار بفائق، فأزاحوه عن ملكه وملكوها، ولحق فائق بأبي علي بن سيجور، وتظاهرا على الأمير نوح وذلك سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
[(عزل أبي علي بن سيجور عن خراسان وولاية سبكتكين)]
ولما اجتمع أبو علي بن سيجور وفائق على منافرة الأمير نوح وعصيانه، كتب الأمير نوح الى سبكتكين، وكان أميرا على غزنة ونواحيها يستقدمه لنصره منهما، وإنجاده عليهما، وولّاه خراسان. وكان سبكتكين في شغل عن أمرهم بما هو فيه من الجهاد مع كفّار الهند. فلما جاءه كتاب نوح ورسوله بادر إليه، وتلقّى أمره في ذلك، وعاد إلى غزنة فجمع العساكر، وبلغ الخبر أبا علي وفائقا، فبعثا إلى فخر الدولة بن بويه يستنجدانه، واستعانا في ذلك بوزيره الصاحب بن عبّاد، فبعث إليهما مددا من العساكر. ثم سار سبكتكين وابنه محمود نحو خراسان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. وسار الأمير نوح واجتمعوا ولقوا أبا علي وفائقا بنواحي هراة، وكان معهما دارا بن قابوس بن وشمكير، فنزع إلى الأمير نوح، وانهزم أصحاب أبي علي وفائق وفتك فيهم أصحاب سبكتكين واتبعوهم إلى نيسابور، فلحقا بجرجان، وتلقّاهما فخر الدولة بالهدايا والتحف والأموال، وأنزلهما بجرجان. واستولى نوح على نيسابور، واستعمل عليها وعلى جيوش خراسان محمود بن سبكتكين، ولقّبه سيف الدولة. ولقّب أباه