ميافارقين، وقصد بلاد أرمينية. وكان قد استولى على أكثرها رجل من العراق يعرف بأبي الورد فغلبه نجا على ما ملك منها، وأخذ قلاعه وبلاده فملك خلاط وملازكرد وأخذ كثيرا من أموال أبي الورد وقتله، ثم انتقض على سيف الدولة. واتفق أن معز الدولة بن بويه استولى على الموصل ونصيبين فكاتبه نجا يعده المساعدة على بني حمدان. ثم صالحه ناصر الدولة، ورجع إلى بغداد فسار سيف الدولة إلى نجا فهرب منه بين يديه واستولى على جميع البلاد التي ملكها من أبي الورد واستأمن إليه نجا وأخوه وأصحابه، فأمنهم وأعاد نجا إلى مرتبته. ثم وثب عليه غلمانه وقتلوه في داره بميافارقين في ربيع سنة ثلاث وخمسين.
(مسير معز الدولة الى الموصل وحروبه مع ناصر الدولة)
كان الصلح قد استقرّ بين ناصر الدولة ومعز الدولة على ألف ألف درهم في كل سنة.
ثم طلب ناصر الدولة دخول ولده أبي ثعلب المظفر [١] في اليمن على زيادة بذلها، وامتنع سيف الدولة من ذلك وسار إلى الموصل منتصف سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة ولحق ناصر الدولة بنصيبين وملك معز الدولة الموصل، وسار عنها في اتباع ناصر الدولة بعد أن استخلف على الموصل في الجباية والحرب فلم يثبت ناصر الدولة، وفارق نصيبين وملكها معز الدولة. وخالفه أبو ثعلب إلى الموصل وعاث في نواحيها، وهزمه قوّاد معز الدولة بالموصل فسكنت نفس معز الدولة. وأقام ببر قعيد يترقب أخباره، وخالف ناصر الدولة إلى الموصل فأوقع بأصحابه وقتلهم، وأسر قواده واستولى على مخلفه من المال والسلاح وحمل ذلك كله إلى قلعة كواشي. وبلغ الخبر إلى معز الدولة فلحق بالنواب، وأعيا معز الدولة أمرهم. ثم أرسلوا إليه في الصلح فأجاب، وعقد لناصر الدولة على الموصل وديار ربيعة، وجميع أعماله بمقرّها المعلوم، وعلى أن يطلق الأسرى الذين عنده من أصحاب معز الدولة ورجع معز الدولة إلى بغداد.
[١] أبي تغلب فضل الله الغصنفر ابن الأثير ج ٨ ص ٥٥٣ وكذلك في مكان آخر من هذا الكتاب.