أبو عبد الرحمن ابنا السلطان واحتفلا في مبرّته. ثم جاء السلطان على أثرهما من حضرته لتلقّيه وبرور مقدمه، ووافاه بطنجة، وبلغ في تكرمته وبرّ وفادته ما يكرّم به مثله. وبسط ابن الأحمر العذر عن شأن طريف فتجافى السلطان عن العذل وأعرض عنه وقبل منه. وبرّ واحتفى ووصل وأجزل، ونزل له ابن الأحمر عن الجزيرة ورندة والغربية وعشرين حصنا من ثغور الأندلس كانت من قبل لطاعة صاحب المغرب ونزل عساكره. وعاد ابن الأحمر إلى الأندلس خاتم اثنتين وتسعين وستمائة محبوّا محبورا. وأجازت عساكر السلطان معه لحصار طريف وعقد على حربها ومنازلتها لوزيره الطائر الذكر عمر بن السعود بن الخرباش الجشمي، فنازلها مدّة، وامتنعت فأفرج عنها. وصرف السلطان همّته إلى غزو تلمسان وحصارها. كما يذكر إن شاء الله تعالى.
[(الخبر عن انتزاء الوزير الوساطي بحصن تازوطا من جهات الريف واستنزال السلطان إياه)]
كان بنو الوزير هؤلاء رؤساء بني واطاس من قبل بني مرين، ويرون أن نسبهم دخيل في بني مرين. وأنّهم من أعقاب علي بن يوسف بن تاشفين لحقوا بالبدو ونزلوا على بني واطاس، ورسخت فيهم عروقهم حتى لبسوا جلدتهم. ولم يزل السرو متربعا بين أعينهم لذلك، والرئاسة شامخة بأنوفهم. وكانوا يرومون الفتك بالأمراء من أولاد عبد الحق، فلم يطيقوه. ولما احتلّ السعيد بتازى غازيا إلى تلمسان كما ذكرناه، ولحق ببلدهم الأمير أبو يحيى بن عبد الحق ائتمروا في الفتك به. ونذر بشأنهم فارتحل، ففرّوا إلى غبولة وعين الصفا من بلاد بني يزناسن، وهنالك بلغه خبر مهلك السعيد.
وكانت بلاد الريف لبني واطاس من لدن دخول بني مرين المغرب واقتسامهم لأعماله فكانت ضواحيها لنزلهم وأمصارها ورعاياها لجبايتهم. وكان حصن تازوطا بها من أمنع المعاقل بالمغرب وكان الملوك من أولاد عبد الحق يعتنون بشأنه، وينزلونه من أوليائهم من يثقون بغنائه واطلاعه، ليكون آخذا بناصية هؤلاء الرهط. وشجا في صدورهم عمّا يسيمون إليه. وكان السلطان قد عقد عليه لمنصور ابن أخيه الأمير أبي مالك بعد مهلك ابنه أمير المسلمين يعقوب بن عبد الحق. وكان عمر بن يحيى ابن الوزير وأخوه