إسماعيل: إنك قد حزت الدنيا العريضة فاتركني في هذا الثغر فأبى. وعبر إسماعيل وأخذ عليه الجهات فصار محصورا، وندم وطلب المحاجزة فأبى إسماعيل، وقاتله فانهزم عمرو ونكب عن طريق العسكر إلى مضيق ينفرد فيه وتوارى في أجمة فوحلت به دابته، ولم يتفطّن له أصحابه، فأخذ أسيرا وبعث به إسماعيل إلى المعتضد، بعد أن خيّره فاختار المسير إليه، ووصل إلى بغداد سنة ثمان وثمانين ومائتين وأدخل على جمل وحبس. وبعث المعتضد إلى إسماعيل بولايته خراسان إلى أن توفي المعتضد.
وجاء المكتفي إلى بغداد، وكان في نفسه اصطناعه، وكره ذلك الوزير القاسم بن عبيد الله فوضع عليه من قتله سنة تسع وثمانين ومائتين.
[(ولاية طاهر بن محمد بن عمرو على سجستان وكرمان ثم على فارس)]
ولما أسر عمرو وسار إلى محبسه، قام مكانه بسجستان وكرمان حافده طاهر بن محمد ابن عمرو، وهو الّذي مات أبوه محمد بمفازة سجستان عند ما هرب عمرو أمام الموفّق من فارس، ثم سار طاهر إلى فارس، وسار إليها في الجيوش سنة ثمان وثمانين ومائتين واعترضه بدر، فعاد طاهر الى سجستان، وملك بدر فارس وجبى أموالها. ثم بعث طاهر بن محمد سنة تسع وثمانين ومائتين يطلب المقاطعة على فارس بمال يحمله، وكان المعتضد قد توفي، فعقد له المكتفي عليها، وتشاغل طاهر بالصيد واللهو، ومضى إلى سجستان فغلب على الأمر بفارس الليث ابن عمه علي بن الليث، وسبكرى مولى جدّه عمرو، وكان معهما أبو قابوس قائد طاهر، فلحق بالخليفة المكتفي وكتب طاهر ردّه بما جباه من المال، ويحتسب له من جملته فلم يجب إلى ذلك.
[(استيلاء الليث على فارس ثم مقتله واستيلاء سبكرى)]
ولما تغلّب سبكرى على فارس لحق الليث بن علي بطاهر ابن عمه وزحف طاهر إلى فارس فهزمه السبكري وأسره، وبعث به وبأخيه يعقوب إلى المقتدر سنة سبع وتسعين