للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراء النهر وخرجت عن ملك الإسلام وقد تقدّم ذكر هذه الواقعة مستوفي في أخبار السلطان سنجر ولما انهزم السلطان سنجر قصد اتسز خوارزم شاه خراسان فملك سرخس ولقي الإمام أبا محمد الزيادي وكان يجمع بين العلم والزهد فأكرمه وقبل قوله ثم قصد مرو الشاهجان فخرج إليه الإمام أحمد الباخوري وشفع في أهل مرو وأن لا يدخل لهم أحد من العسكر فشفعه وأقام بظاهر البلد فثار عامة مرو وأخرجوا أصحابه وقتلوا بعضهم وامتنعوا فقاتلهم اتسز وملكها عليهم غلابا أوّل ربيع من سنة ست وثلاثين وقتل الكثير من أهلها وكان فيهم من أكابر العلماء وأخرج كثيرا من علمائها إلى خوارزم منهم أبو بكر الكرماني ثم سار في شوّال إلى نيسابور وخرج إليه جماعة من العلماء والفقهاء متطارحين أن يعفيهم مما وقع بأهل مرو فأعفاهم واستصفى أموال أصحاب السلطان وقطع الخطبة لسنجر وخطب لنفسه ولما صرح باسمه على المنبر هم أهل نيسابور بالثورة ثم ردّهم خوف العواقب فاقصروا وبعث جيشا إلى أعمال بيهق فحاصرها خمسا ثم ساروا في البلاد ينهبون ويكتسحون والسلطان سنجر خلال ذلك متغافل عنه فيما يفعله في خراسان لما وراءه من مدد الخطا وقوتهم ثم أوقع الغزسنة ثمان وأربعين بالسلطان سنجر واستولوا على خراسان وكان هؤلاء الغز مقيمين بما وراء النهر منذ فارقهم ملوك السلجوقية وكانوا يدينون بالإسلام فلما استولى الخطا على ما وراء النهر أخرجوهم منها فأقاموا بنواحي بلخ وأكثروا فيها العيث والفساد وجمع لهم سنجر وقاتلهم فظفروا به وهزموه وأسروه وانتثر سلك دولته فلم يعد انتظامه وافترقت أعماله على جماعة من مواليه واستقلّ حينئذ اتسز بملك خوارزم وأعماله وأورثها بنيه ثم استولوا على خراسان والعراق عند ما ركدت ريح السلجوقية وكانت لهم بعد ذلك دولة عظيمة نذكر أخبارها مفصلة عند دول أهلها والله تعالى ولي التوفيق بمنه وكرمه.

[وفاة اتسز وملك ولده أرسلان]

ثم توفي اتسز بن محمد بن أنوشتكين في منتصف إحدى وخمسين وخمسمائة لستين سنة من ولايته وكان عادلا في رعيته حسن السيرة فيهم ولما توفي ملك بعده أرسلان بن اتسز فقتل جماعة من عماله وسمل أخاه ثم بعث بطاعته للسلطان سنجر عند ما هرب من أسر الغز فكتب له بولاية خوارزم وقصد الخطا خوارزم وجمع أرسلان للقائهم وسار غير بعيد ثم طرقه المرض فرجع وأرسل الجيوش لنظر أمير من أمرائه فقاتله الخطا وهزموه وأسروه ورجع إلى ما وراء النهر والله سبحانه وتعالى أعلم

.

<<  <  ج: ص:  >  >>