للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العساكر ثم ارتحل إلى تاسة ثم تاقيا [١] وصمد إليه يغمراسن بحشود زناتة والعرب بحللهم وكافة ناجعتهم، والتقت عيون القوم، فكانت بينهم حرب. وركب على آثارهما العسكران والتحم القتال، وكان الزحف بخرزوزة من ملعب تيفني [٢] ، ورتّب أمير المسلمين مصافه وجعل كتيبته وكتيبة ابنه الأمير أبي يعقوب جناحين للعسكر. واشتد القتال سائر النهار، وانكشف بنو عبد الواد عند ما أراح القوم، وانتهب جميع مخلفهم وما كان في معسكرهم من المتاع والكراع والسلاح والفساطيط، وبات عسكر أمير المسلمين ليلتهم في صهوات خيلهم، واتبعوا من الغد آثار عدوّهم. واكتسحت أموال العرب الناجعة الذين كانوا مع يغمراسن، وامتلأت أيدي بني مرين من نعمهم وشائهم. ودخلوا بلاد يغمراسن وزناتة. ووافاه هنالك محمد بن عبد القوي أمير بني توجين، لقيه بناحية القصبات، وعاثوا جميعا في بلاده نهبا وتخريبا ثم أذن لبني توجين في اللحاق ببلادهم وأخذ هو بمخنق تلمسان متلوّما لوصول محمد بن عبد القوي وقومه إلى منجاتهم من جبل ونشريس حذرا عليهم من غائلة يغمراسن. ثم أفرج عنها وقفل إلى المغرب ودخل فاس شهر رمضان من سنة ثمانين وستمائة ثم نهض إلى مراكش فاحتلّ بها فاتح إحدى وثمانين وستمائة بعدها، وسرّح ابنه الأمير أبا يعقوب إلى السوس لتدويخ أقطاره، ووافاه بمراكش صريخ الطاغية على ابنه شانجة الخارج عليه، فاغتنم الفرصة في فساد بينهم لقضاء أربه من الجهاد، وارتحل مبادرا بالإجازة إلى الأندلس. والله تعالى أعلم.

[الخبر عن اجازة السلطان أبي يوسف صريخا للطاغية لخروج ابنه شانجة عليه وافتراق كلمة النصرانية وما كان في هذه الأخبار من الغزوات]

لما رجع السلطان من غزاة تلمسان إلى فاس، وارتحل إلى مراكش وافاه بها وفد الطاغية من بطارقته وزعماء دولته، وقواميس ملّته صريخا على ابنه شانجة. خرج عليه في طائفة من النصارى وغلبوه على أمره، فانتصر أمير المسلمين ودعاه لحربهم


[١] كذا في النسخة الباريسية ونسخة أخرى، وفي نسخة ثانية: ثم ارتحل الى نامه ثم إلى تافنا.
[٢] وفي نسخة ثانية: منقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>