للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استولى على البلد رعى له ذمة نزوعه إليه، وأوصى به ابنه أبا بكر فاستولى على مشورته وحلّه وعقده، وطوى على البيت [١] . ثم حدّثته نفسه بالاستبداد وتحيّن له المواقيت واتفق أن سار الأمير أبو بكر من نفطة لزيارة أخيه المنتصر بتوزر وخلف بالبلد عبد الله الترمكي [٢] من مواليهم، وكان السلطان أنزله معه وولّاه حجابته، فلمّا توارى الأمير عن البلد داخل ابن أبي يزيد عنفة من الأوغاد وطاف في سكك المدينة والمهاتفة معه ينادي بالثورة ونقض الطاعة. وتقدّم إلى القصبة فأغلقها القائد عبد الله دونه وحاربها فامتنعت عليه. وقرع عبد الله الطبل بالقصبة واجتمع إليه أهل القرى فأدخلهم من باب كان بالقصبة يفضي إلى الغابة فكثروا ومنع [٣] ابن أبي يزيد، وتسلل عنه الناس فلاذ بالاختفاء. وخرج القائد من القصبة فتقبّض على كثير من أهل الثورة وأودعهم السجن واستولى على البلد. وسكّن الهيعة وطار الخبر إلى المولى أبي بكر فأغذّ السير منقلبا إلى قفصة، ولحين دخوله ضرب أعناق المعتقلين من أهل الثورة وأمر الهاتف فنادى في الناس بالبراءة من ابن أبي يزيد وأخيه. ولأيام من دخوله عثر بهما الحرس في مقاعدهم بالباب مستترين بزي النساء فتقبّضوا عليهما وتلوّهما إلى الأمير فضرب أعناقهما وصلبهما في جذوع النخل. وكانا من المترفين فأصبحا مثلا في الأيام وقد خسرا دينهما ودنياهما، وذلك هو الخسران المبين، وارتاب المنتصر صاحب توزر حينئذ بابن الخلف وحذر مغبة حاله فقتله بمحبسه وذهب في غير سبيل مرحمة وانتظم السلطان أمصار الجريد كلّها في طاعته واتصل ظهوره إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن فتح قابس وانتظامها في ملكة السلطان)]

هذه البلد لم تزل في هذه الدولة الحفصيّة لبني مكي المشهور ذكره في هذه العصور وما إليها، وسيأتي ذكر أخبارهم ونسبهم وأوليتهم في فصل نفرده لهم فيما بعد، وكان أصل رياستهم فيها اتصالهم بخدمة الأمير أبي زكريا لأوّل أيام ولاية قابس سنة ثلاث


[١] وفي نسخة ثانية: وطوى على النث وقد ورد في القاموس: نث الخبر أفشاه، ونث الجرح دهنه.
[٢] وفي نسخة ثانية: التريكي.
[٣] وفي نسخة ثانية: شيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>