للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغرب فارتحل أبو محمد بن تافراكين من المهديّة إلى تونس، ولما أطلّ عليها ثار شيعته بالبلد على من كان بها من عساكر السلطان، وخلصوا إلى السفين، فنجوا إلى المغرب، وجاء على أثرهم يحيى بن رحّو بمن معه من العساكر من أولاد مهلهل، كان بناحية الجريد لاقتضاء جبايته، واجتمعوا جميعا بباب السلطان، وأرجأ حركته إلى العام [١] القابل، فكان ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن وزارة سليمان بن داود ونهوضه بالعساكر إلى إفريقية)]

لما رجع السلطان من إفريقية ولم يستتم فتحها، بقي في نفسه منها شيء. وخشي على ضواحي قسنطينة من يعقوب بن علي ومن معه من الزواودة المخالفين، فأهمّه شأنهم، واستدعى سليمان بن داود من مكانه بثغور الأندلس، وعقد له على وزارته، وسرّحه في العساكر إلى إفريقية، فارتحل إليها في ربيع من سنة تسع وخمسين وسبعمائة وكان يعقوب بن علي لمّا كشف وجهه في الخلاف، أقام السلطان مكانه أخاه ميمون بن علي منازعة، وقدّمه على أولاد محمد من الزواودة، وأحله بمكانه من رياسة البدو والضواحي، ونزع إليه عن أخيه يعقوب الكثير من قومهم، وتمسّك بطاعة السلطان طوائف من أولاد سبّاع بن يحيى وكبيرهم يومئذ عثمان بن يوسف بن سليمان، فانحاشوا جميعا للوزير ونزلوا على معسكره بحللهم. وارتحل السلطان في أثره حتى احتل بتلمسان فأقام بها لمشارفة أحواله منها، واحتل الوزير سليمان بوطن قسنطينة. وأغذّ السير إلى عمال الزاب يوسف بن مزني بأن تكون يده معه، وأن يؤامره في أحوال الزواودة لرسوخه في معرفتها، فارتحل إليه من بسكرة، ونازلوا جبل أوراس واقتضوا جبايته ومغارمه. وشرّدوا المخالفين من الزواودة عن العيث في الوطن، فتمّ غرضهم من ذلك. وانتهى الوزير وعساكر السلطان إلى أوّل أوطان إفريقية من آخر مجالات رياح، وانكفأ راجعا إلى المغرب. ووافى السلطان بتلمسان، ووصلت معه وفود العرب الذين أبلوا في الخدمة، فوصلهم السلطان


[١] وفي نسخة ثانية: الى اليوم القابل.

<<  <  ج: ص:  >  >>