فكان بعد إذا أرادها أحد بمكروه رمى بداء في جسده، ولما علموا بذلك تناهوا عنه.
وقال السهيليّ: أوّل من كسا البيت المسوح والخصف والأنطاع تبّع الحميريّ. ويروى أنه لما كساها انتقض البيت فزال ذلك عنه، وفعل ذلك حين كساه الخصف فلما كساه الملاء والوصائل قبله وسكن. وممن ذكر هذا الخبر قاسم بن ثابت في كتاب الدلائل. وقال ابن إسحاق: أوّل من كسا البيت الديباج الحجاج. وقال الزبير بن بكار بل عبد الله بن الزبير أوّل من كساها ذلك. وذكر جماعة منهم الدار الدّارقطنيّ: أنّ نتيلة بنت جناب أم العبّاس بن عبد المطلب كانت أضلت العبّاس صغيرا فنذرت إن وجدته أن تكسو الكعبة، وكانت من بيت مملكة، فوفت بنذرها.
هذه أخبار قريش وملكهم بمكّة، وكانت ثقيف جيرانهم بالطائف يساجلونهم في مذاهب العروبية وينازعونهم في الشرف، وكانوا من أوفر قبائل هوازن، لأنّ ثقيفا هو قسيّ بن منبّه بن بكر بن هوازن، وكانت الطائف قبلهم لعدوان الذين كان فيهم حكيم العرب عامر بن الظرب بن عمرو بن عبّاد بن يشكر بن بكر بن عدوان وكثر عددهم حتى قاربوا سبعين ألفا، ثم بغى بعضهم على بعض فهلكوا وقل عددهم، وكان قسي بن منبّه صهرا لعامر بن الظرب، وكان بنوه بينهم فلما قل عدد عدوان نغلّب عليهم ثقيف وأخرجوهم من الطائف وملكوه إلى أن صبحهم الإسلام به. على ما نذكره والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين والبقاء للَّه وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أمر النبوّة والهجرة في هذه الطبقة الثالثة وما كان من اجتماع العرب على الإسلام بعد الاباية والحرب
لما استقر أمر قريش بمكة على ما استقر، وافترقت قبائل مضر في أدنى مدن الشام والعراق وما دونهما من الحجاز فكانوا ظعونا واحياء، وكان جميعهم بمسغبة وفي جهد من العيش بحرب بلادهم وحرب فارس والروم على تلول العراق والشام، وأربابهما ينزلون حاميتهم بثغورها، ويجهزّون كتائبهم بتخومها، ويولّون على العرب من رجالاتهم وبيوت العصائب منهم من يسومهم القهر، ويحملهم على الانقياد حتى يؤتوا جباية السلطان الأعظم وإتاوة ملك العرب، ويؤدّوا ما عليهم من الدماء