هريرة. ثم استعمل سعيد بن العاص على الباب سلمان بن ربيعة مكان أخيه، وبعث معه جندا من أهل الكوفة عليهم حذيفة بن اليمان وأمدّهم عثمان بحبيب بن مسلمة في جند الشام وسلمان أمير على الجميع، ونازعه حبيب الامارة فوقع الخلاف، ثم غزا حذيفة بعد ذلك ثلاث غزوات آخرها عند مقتل عثمان.
وخرجت جموع الترك سنة اثنتين وثلاثين من ناحية خراسان في أربعين ألفا عليهم قارن من ملوكهم فانتهى إلى الطبسين، واجتمع له أهل باذغيس وهراة وقهستان، وكان على خراسان يومئذ قيس بن الهيثم السلميّ استخلفه عليها ابن عامر عند خروجه إلى مكة محرما فدوّخ جهتها، وكان معه ابن عمه عبد الله بن حازم فقال لابن عامر:
اكتب لي على خراسان عهدا إذا خرج منها قيس ففعل، فلما أقبلت جموع الترك قال قيس لابن حازم: ما ترى، قال: أرى أن تخرج عن البلاد فإن عهد ابن عامر عندي بولايتها. فترك منازعته وذهب إلى ابن عامر، وقيل أشار عليه أن يخرج إلى ابن عامر يستمدّه، فلما خرج أظهر عهد ابن عامر له بالولاية عند مغيب قيس، وسار ابن حازم للقاء الترك في أربعة آلاف. ولما التقى الناس أمر جيشه بايقاد النار في أطراف رحالهم فهاج العدوّ على دهش، وغشيهم ابن حازم بالناس متتابعين، فانهزموا وأثخن المسلمون فيهم بالقتل والسبي. وكتب ابن حازم بالفتح إلى ابن عامر فأقرّه على خراسان فلم يزل واليا عليها إلى حرب الجمل، فأقبل إلى البصرة وبقي أهل البصرة بعد غزوة ابن حازم هذه حتى غزوا المنتقضين من أهلها وعادوا جهزوا كتيبة من أربعة آلاف فارس هناك.
[بدء الانتقاض على عثمان رضي الله عنه]
لما استكمل الفتح واستكمل للملّة الملك ونزل العرب بالأمصار في حدود ما بينهم وبين الأمم من البصرة والكوفة والشام ومصر، وكان المختصون بصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهداه وآدابه المهاجرين والأنصار من قريش وأهل الحجاز ومن ظفر بمثل ذلك من غيرهم. وأما سائر العرب من بني بكر بن وائل وعبد القيس وسائر ربيعة والأزد وكندة وتميم وقضاعة وغيرهم، فلم يكونوا من تلك الصحبة بمكان إلّا قليلا منهم وكان لهم في الفتوحات قدم، فكانوا يرون ذلك لأنفسهم مع ما يدين به فضلاؤهم من تفضيل أهل السابقة من الصحابة ومعرفة حقهم، وما كانوا فيه من