للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستبد مبشر بميورقة، والفتنة يومئذ تموج بين ملوك الطوائف. وبعث إلى دانية في تسليم أهل سيده، فبعثوا إليه بهم وأولاهم جميلا. ولم يزل يردّد الغزو إلى أرض العدوّ إلى أن جمع طاغية برشلونة الجموع ونازلة بميورقة عشرة أشهر. ثم افتتحها واستباحها [١] سنة من ولايته. وكان بعث بالصريخ إلى عليّ بن يوسف صاحب المغرب من لمتونة فلم يوافهم الأسطول بالمدد إلا بعد استيلاء العدوّ. فلما وصل الأسطول دفعوا العدوّ عنها وولّى علي بن يوسف من قبله أنور بن أبي بكر اللمتوني فعسف بهم وأرادهم على بناء مدينة أخرى بعيدة من البحر فثاروا به وصفدوه، وبعثوا إلى عليّ بن يوسف فردّهم إلى ولاية محمد بن علي بن إسحاق بن غانية المستولي صاحب غرب الأندلس، فبعث إليها أخاه محمد بن علي من قرطبة، كان واليا عليها فوصل إلى ميورقة فصغد أنور وبعث به إلى مراكش، وأقام في ولايتها عشر سنين إلى أن هلك أخوه يحيى وسلطانهم عليّ بن يوسف. واستقرّت ميورقة في ملك بني غانية هؤلاء وسلطانهم. وكانت لهم في زمن علي بن يوسف بها دولة، وخرج منها علي ويحيى إلى بجاية وملكوها من الموحّدين، وكانت لهم معهم حروب بإفريقية كما نذكر في أخبارهم بعد أخبار لمتونة. وملك الإفرنج ميورقة من أيدي الموحّدين آخر دولتهم. والبقاء للَّه والملك يؤتيه من يشاء وهو العزيز الحكيم.

(الخبر عن ثوّار الأندلس آخر الدولة اللمتونية واستبداد بني مردنيش ببلنسية ومزاحمتهم لدولة بني عبد المؤمن من أوّلها إلى آخرها ومصاير أحوالهم وتصاريفها)

لما شغل لمتونة بالعدوّ، وبحرب الموحّدين بعد عليهم الأندلس، وعادت إلى الفرقة بعض الشيء فثار ببلنسية سنة سبع وثلاثين وخمسمائة القاضي مروان بن عبد الله بن مروان بن حضاب، وخلعوه لثلاثة أشهر من ملكه، ونزل بالمريّة. ثم حمل إلى ابن غانية بميورقة فسجن بها، وثار بمرسية أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن ظاهر.


[١] كذا بياض بالأصل والواقع ان مكان البياض مدة الزمن التي سبقت افتتاح المدينة. ولم نستطع تحديد مقدار السنين من المراجع التي بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>