للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد حجة الوداع قسم النبي صلى الله عليه وسلم اليمن على عمال من قبله، وجعل صنعاء لابنه شهربان بن باذان. وذكرنا خبر الأسود العنسيّ، وكيف أخرج عمال النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن وزحف إلى صنعاء فملكها. وقتل شهربان بن باذان وتزوج امرأته واستولى على أكثر اليمن، وارتد أكثر أهله. وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وعماله وإلى من ثبت على إسلامه فداخلوا زوجة شهربان بن باذان التي تزوجها في أمره، على يد ابن عمها فيروز. وتولى كبر ذلك قيس بن عبد يغوث المرادي، فبيته هو وفيروز وذاذويه بإذن زوجته فقتلوه. ورجع عمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعمالهم، وذلك قبيل الوفاة. واستبدّ قيس بصنعاء وجمع الفل من جند الأسود فولى أبو بكر على اليمن فيروز فيمن إليه من الأبناء، وأمر الناس بطاعته فقاتل قيس بن مكشوح وهزمه. ثم ولّى أبو بكر المهاجر بن أبي أمية فقاتل أهل الردة باليمن، وكذلك عكرمة بن أبي جهل، وأمره أن يبدأ بالمرتدة.

فسار معها وحضر حرب الجمل. وولي على اليمن عبيد الله بن عباس، ثم أخاه عبد الله. ثم ولى معاوية على صنعاء فيروز الديلميّ، ومات سنة ثلاث وخمسين. ثم جعل عبد الملك اليمن في ولاية الحجاج لما بعثه لحرب ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين.

ولما جاءت دولة بنى العبّاس، ولىّ السفاح على اليمن عمه داود بن علي حتى إذا توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة، ولى مكانه محمد بن يزيد بن عبيد الله بن عبد الملك عبد الدار. ثم تعاقب الولاة على اليمن، وكانوا ينزلون صنعاء حتى انتهت الخلافة إلى المأمون، وظهرت دعاة الطالبيين بالنواحي، وبايع أبو السرايا من بني شيبان بالعراق لمحمد بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم أخو المهدي، النفس الزكية، محمد ابن عبد الله بن حسن. وكثر الهرج وفرق العمال في الجهات، ثم قتل وبويع محمد بن جعفر الصادق بالحجاز. وظهر باليمن إبراهيم بن موسى الكاظم سنة مائتين، ولم يتم أمره، وكان يعرف بالجزار لسفكه الدماء وبعث المأمون عساكره الى اليمن فدوخوا نواحيه وحملوا كثيرا من وجوه الناس فاستقام أمر اليمن كما نذكره.

[(دعوة زياد بالدعوة العباسية)]

ولما وفد وجوه أهل اليمن على المأمون، كان فيهم محمد زياد ولد عبد الله بن زياد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>