ثم حدثت الفتنة بين بركة وبين قبلاي صاحب التخت وانتزع بركة الخاقانية من أعمال قبلاي وولى عليها سرخاد ابن أخيه ناظو وكان على دين النصرانية وداخله هلاكو في الانتقاض على عمه بركة إلى أخيه قبلاي صاحب التخت ويقطعه الخاقانية وما يشاء معها وشعر بركة بشأنه وأنّ سرخاد يحاول قتله بالسمّ فقتله وولى الخاقانية أخاه مكانه وأقام هلاكو طالبا بثأر سرخاد ووقعت الحرب بينه وبين بركة على نهر آمد سنة ستين ثم هلك هلاكو سنة ثلاث وستين وولي ابنه ابغا فسار إلى حربه وسرّح بركة للقائه سنتاي بن بانيغان بن جفطاي ونوغيثة بن تتر بن مغل بن دوشي خان فلما التقى الجمعان أحجم سنتاي ورجع منهزما وانهزم ابغا أمام نوغيثة وأثخن في عساكره وعظمت منزلة نوغيثة عند بركة وسخط بركة سنتاي وساءت منزلته عنده إلى أن هلك بركة سنة خمس وستين والله سبحانه وتعالى أعلم.
[منكوتمر بن طغان بن ناظو خان]
ولما هلك بركة ملك الدست بالشمال ملك مكانه منكوتمر بن طغان بن ناظو خان ابن دوشي خان وطالت أيامه وزحف سنة سبعين إلى القسطنطينية لجدة وجدها على الاشكر ملكها فتلقاه بالخضوع والرغبة ورجع عنه ثم زحف سنة ثمانين إلى الشام في مظاهرة ابغا بن هلاكو ونزل بين قيسارية وابلستين من بلاد الروم ثم أجاز الدربند ومرّ بابغا وهو منازل الرحبة وتقدّم مع أخيه منكوتمر بن هلاكو إلى حماة فنازلوها وزحف اليهم المنصور قلاون ملك مصر والشام من دمشق ولقيهم بظاهر حمص وكانت الدائرة على ملوك التتر وهلك خلق من عساكرهم وأسر آخرون وأجفل ابغا من منازلة الرحبة ورجعوا إلى بلادهم منهزمين وهلك على أثر ذلك منكوتمر ملك الشمال ومنكوتمر بن هلاكو سنة احدى وثمانين ولما هلك منكوتمر ملك مكانه ابنه تدان وجلس على كرسي ملكهم بصراي فأقام خمس سنين ثم ترهب وخرج عن الملك سنة ست وثمانين وانقطع إلى صحبة المشايخ الفقراء ولما ترهب تدان بن منكوتمر وخرج عن الملك ملك مكانه اخوه قلابغا وأجمع على غزو بلاد الكرك واستنفر نوغيثة بن تتر بن مغل بن دوشي خان وكان حاكما على طائفة من بلاد الشمال وله استبداد على ملوك بني دوشي خان فنفر معه في عساكره وكانت عظيمة ودخلوا جميعا بلاد الكرك وأغاروا عليها وعاثوا في نواحيها وفصلوا منها وقد تمكن فصل الشتاء وسلك السلطان مسافة اعتسف فيها البيداء وهلك أكثر عساكره من البرد والجوع وأكلوا دوابهم وسار نوغيثة من أقرب المسالك فنجا إلى بلاده سالما من تلك الشدّة فاتهمه السلطان قلابغا بالادهان في أمره