للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلّ من غلمانه ومواليه ووكل الناصري به حسن الكشكي من خواصه وولاه على الكرك وأوصاه بخدمته ومنعه ممن يرومه بسوء فتقدّمه الى الكرك وأنزله القلعة وهيأ له النزول بما يحتاج اليه وأقام هنالك حتى وقع من لطائف الله في أمره ما يذكر بعد أن شاء الله تعالى وجاء الخبر أن جماعة من مماليك الظاهر كانوا مختفين منذ الوقعة فاعتزموا على الثورة بدمشق وانهم ظفروا بهم وحبسوا جميعا ومنه أيبقا الصغير والله تعالى أعلم.

[ثورة منطاش واستيلاؤه على الأمر ونكبة الجوباني وحبس الناصري والأمراء البيبقاوية بالإسكندرية]

كان منطاش منذ دخل مع الناصري الى مصر متربصا بالدولة طاويا جوانحه على الغدر لأنهم لم يوفروا حظه من الاقطاع ولم يجعلوا له اسما في الوظائف حين اقتسموها ولا راعى له الناصري حق خدمته ومقارعته الأعداء وكان ينقم عليه مع ذلك إيثاره الجوباني واختصاصه فاستوحش وأجمع الثورة وكان مماليك الجوباني لما حبس أميرهم وانتقض الناصري بحلب لحقوا به وجاءوا في جمله واشتملوا على منطاش فكان له بهم في ذلك السفر أنس وله اليهم صفو فداخل جماعة منهم في الثورة وحملهم على صاحبهم وتطفل على الجوباني في المخالصة بغشيان مجلسه وملابسة ندمائه وحضور مائدته وكان البيبقاوية جميعا ينقمون على الناصري ويرون أنه مقصر في الرواتب والاقطاع وطووا من ذلك على النكث ودعاهم منطاش الى التوثب فكانوا اليه أسرع وزينوه له وقعدوا عنه عند الحاجة ونمي الخبر الى الناصري والجوباني فعزموا على اشخاص منطاش الى الشام فتمارض وتخلف في بيته أياما يطاولهم ليحكم التدبير عليهم ثم عدا عليه الجوباني يوم الاثنين وقد أكمن في بيته رجالا للثورة فقبضوا على الجوباني وقتلوه لحينه وركب منطاش الى الرميلة فنهب مراكب الأمراء بباب الاصطبل ووقف عند مئذنة المدرسة الناصرية وقد شحنها ناشبة ومقاتلة مع أمير من أصحابه ووقف في حمايتهم واجتمع اليه من داخله في الثورة من الاشرفية وغيرهم واجتمع اليه من كان بقي من مماليك الظاهر واتصلت الهيعة فركب الأمراء البيبقاوية من بيوتهم ولما أفضوا الى الرميلة وقفوا ينظرون مآل الحال وبرز الناصري من الاصطبل فيمن حضر وأمر الأمراء بالحملة عليهم فوقفوا فأحجم هو عن الحملة وتخاذل أصحابه وأصحاب منطاش ومال الى الناصري مماليك الجوباني لنكبة صاحبهم فهدّدهم منطاش بقتله فافترقوا وتحاجز الفريقان آخر النهار وباكروا شأنهم من الغد وحمل الناصري فانهزم وأقاموا على ذلك ثلاثا

<<  <  ج: ص:  >  >>