للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ولده فحبسهم بالقصبة جميعا. ووكّل بهم من يحوطهم وألطف ابن أبي الحسين الحيلة في فساد ما بين الأمير أبي إسحاق ومولاه ظافر، بتحذير ألقاه إلى أخته بالحضرة تنصّحا، فبعثت به إلى أخيها، فتنكّر لظافر وفارقه، وسار إلى المغرب. ثم لحق بالأندلس، وافترق جموع الأمير أبي إسحاق فلحق بتلمسان، وأجاز منها إلى الأندلس. ونزل على السلطان محمد بن الأحمر فرعى له عهد أبيه، وأسنى له الجراية. وشهد هنالك الوقائع، وأبلى في الجهاد. ولم يزل السلطان المستنصر يتاحف ابن الأحمر ويهاديه، ويوفد عليه مشيخة الموحّدين مصانعة في شأن أخيه واستجلاء لحاله، إلى أن هلك. وكان من ولاية أخيه أبي إسحاق ما نذكر. ولحين مهلكه أجاز ظافر من الأندلس إلى بجاية. وأوفد ولده علي الواثق مستعتبا وراغبا في السبيل إلى الحجّ. وقلق المستولي على الدولة بمكانه، وراسل شيخ الموحّدين أبا هلال عياد [١] بن محمد الهنتاتيّ صاحب بجاية في اغتياله عن قصده، فذهب دمه هدرا وبقي ولده عند بني توجين حتى جاءوا في جملة السلطان أبي إسحاق، وبيد الله تصاريف الأمور.

[(الخبر عن بني النعمان ونكبتهم والخروج أثرها إلى الزاب)]

كان بنو النعمان هؤلاء من مشيخة هنتاتة ورؤسائهم، وكان لهم في دولة الأمير أبي زكريا ظهور ومكان، وخلصت ولاية قسنطينة لهم يستعملون عليها من قرابتهم.

واتصل لهم ذلك أول دولة المستنصر، وكان كبيرهم أبو علي وتلوه ميمون وعبد الواحد، وكان لهم في مداخلة اللحياني أثر. فلما استوسق [٢] للسلطان أمره، وتمهّدت دولته نكبهم وتقبّض عليهم سنة إحدى وخمسين وستمائة، فأشخص أبا علي إلى الإسكندريّة، وقتل ميمون وانقرض أمرهم. وظهر أثر ذلك بالزاب خارج تسمّى بأبي حمّارة، فخرج السلطان من تونس وقصده بالزاب، فأوقع به وبجموعه وتقبّض عليه، وسيق إلى السلطان فقتله، وبعث برأسه إلى تونس فنصب


[١] كذا، وفي ب: عباد.
[٢] استوسق الأمر: انتظم. (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>