القدس والحاجب خليل الهكاري وغيرهم وقصدوا خيمة صلاح الدين فقتلوا من وزرائه ونهبوا واستشهد جمال الدين بن رواحة من العلماء ووضعوا السيف في المسلمين وانهزم الذين كانوا حوالي الخيمة ولم تسقط وانقطع الذين ولوها من الإفرنج عن أصحابهم وراءهم وحملت ميسرة المسلمين عليهم فاحجمتهم وراء الخنادق وعادوا إلى خيمة صلاح الدين فقتلوا كل من وجدوا عندها من الإفرنج وصلاح الدين قد عاد من إتباع أصحابه يردّهم للقتال وقد اجتمعوا عليهم فلم يفلت منهم أحد وأسروا مقدّم الفداوية فأمر بقتله وكان أطلقه مرة أخرى وبلغت عدّة القتلى عشرة آلاف فألقوا في النهر واما المنهزمون من المسلمين فمنهم من رجع من طبرية ومنهم من جاوز الأردنّ ورجع ومنهم من بلغ دمشق واتصل قتال المسلمين للإفرنج وكادوا يلجون عليهم معسكرهم ثم جاءهم الصريخ بنهب أموالهم وكان المنهزمون قد حملوا أثقالهم فامتدت إليها أيدي الأوباش ونهبوها فكان ذلك مما شغل المسلمين عن استئصال الإفرنج وأقاموا في ذلك يوما وليلة يستردون النهب من أيدي المسلمين ونفس بذلك عن الإفرنج بعض الشيء والله تعالى أعلم.
[رحيل صلاح الدين عن الإفرنج بعكا]
ولما انقضت هذه الواقعة وامتلأت الأرض من جيف الإفرنج تغير الهواء وأنتن وحدث بصلاح الدين قولنج كان يعاوده فأشار عليه أصحابه بالانتقال عسى الإفرنج ينتقلون وان أقاموا عدنا إليهم وحمله الأطباء على ذلك فرحل رابع رمضان من السنة وتقدّم إلى أهل عكا بحياطتها وأعلمهم سبب رحيله فلما ارتحل اشتدّ الإفرنج في حصار عكا وأحاطوا بها دائرة مع اسطولهم في البحر وحفروا خندقا على معسكرهم وأداروا عليهم سورا من ترابه حصنا من صلاح الدين أن يعود إليهم ومسلحة المسلمين قبالتهم يناوشوهم القتال فلا يقاتلونهم وبلغ ذلك صلاح الدين وأشار أصحابه بإرسال العساكر ليمنع من التحصين فامتنع من ذلك لمرضه فتمّ للإفرنج ما أرادوه وأهل عكا يخرجون إليهم في كل يوم ويقاتلونهم والله تعالى أعلم.
[معاودة صلاح الدين حصار الإفرنج على عكا]
ثم وصل العادل أبو بكر بن أيوب منتصف شوّال في عساكر مصر ومعه الجم الغفير من