[الخبر عن مهلك السلطان عبد العزيز وبيعة ابنه السعيد واستبداد أبي بكر بن غازي عليه ورجوع بني مرين إلى المغرب]
كان السلطان منذ أوّل نشأته قد أزمنت به الحمى بما أصابه من مرض النحول، ولأجل ذلك تجافى السلطان أبو سالم على احتماله مع الأبناء إلى رندة. ولما شبّ أفاق من مرضه وصلح بدنه. ثم عاوده وجعه في مثواه بتلمسان وتزايد نحوله. ولما كمل الفتح واستفحل سلطانه واشتدّ به الوجع وصابر المرض وكتمه عن الناس خشية الإرجاف، واضطرب معسكره خارج تلمسان للحاق بالمغرب، ولما كان ليلة الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وسبعمائة قضى متودّعا بين أهله وولده ودسّ الخدم بالخبر إلى الوزير، فخرج على الناس وقد احتمل محمد السعيد ابن السلطان على كنفه فعزّى الناس عن خليفتهم لسبع سنين من خلافته، وألقى ابنه بين أيديهم فازدحموا عليه باكين متفجّعين، يعطونه الصفقة ويقبّلون يديه للبيعة، وأخرجوه للمعسكر. ثم أخرج الوزير شلو السلطان على أعواده وأنزله بفساطيطه، وأيقظ بالليل بحراسة المعسكر. وأذن للناس بالرحيل، فخرجوا أفواجا إلى المحلّة.
ثم ارتحلوا لثلاث، وأغذّوا السير إلى المغرب واحتلوا بتازى ثم أغذّوا السير إلى فاس، واحتلّ ابن السلطان بدار ملكه وجلس للبيعة العامّة بقصره. وتوافت وفود الأمصار ببيعتهم على العادة. واستبدّ عليه الوزير أبو بكر بن غازي، وحجبه بقصره وحجره عن التصرّف في شيء من سلطانه، ولم يكن في سنّ التصرّف، واستعمل على الجهات وجلس بمجلس الفضل، واشتغل بأمر المغرب إبراما ونقضا إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى
[(الخبر عن استيلاء أبي حمو على تلمسان والمغرب الأوسط)]
لما فصل بنو مرين من تلمسان إثر مهلك السلطان عبد العزيز واحتلوا بتازي اجتمع المشيخة وعقدوا على تلمسان لإبراهيم ابن السلطان أبي تاشفين كان ربّي في كفالة