حصن كيفا فدفنه بها وكان أبو الغازي بن ارتق شحنة بغداد كما قدّمناه ولاه السلطان محمد أيام الفتنة بينه وبين أخيه بركيارق فلما اصطلح بركيارق وأخوه سنة تسع وتسعين على أن تكون بغداد له وممالك أخرى من الممالك الإسلامية ومن جملتها حلوان وهي أقطاع أبي الغازي فبادر وخطب لبركيارق ببغداد فنكر عليه ذلك صدقة بن مزيد وكان من شيعة السلطان محمد فجاء الى بغداد ليزعج [١] أبا الغازي عنها ففارقها الى يعقوب وبعث الى صدقة يعتذر بأنه صار في ولاية بركيارق ويحكم الصلح في اقطاعه وولايته فلم يمكنه غير ذلك ومات بركيارق على اثر ذلك فخطب أبو الغازي لابنه ملك شاه فنكر ذلك السلطان محمد منه فلما استولى على الأمر عز له عن شحنة بغداد فلحق بالشام وحمل رضوان بن تتش صاحب حلب على حصار نصيبين من بلاد جكرمس فحاصروها وبعث جكرمس الى رضوان وأغراه بأبي الغازي ففسد ما بينهما ورحلوا مفترقين على نصيبين وسار أبو الغازي الى ماردين وقد مات أخوه سقمان كما قلناه فاستولى عليها والله تعالى أعلم.
[اضطراب أبي الغازي في طاعته وأسره ثم خلاصه]
لما ولى السلطان محمد على الموصل والجزيرة وديار بكر سنة اثنتين وخمسمائة مودود بن افتكين مكان جاولي سكاوو الّذي ملكها من يد جكرمس كما مرّ في أخبارهم فوصل مودود الى الموصل وسار جاولي الى نصيبين وهي يومئذ لابي الغازي وراسله في المظاهرة والانجاد فوصل اليه بماردين على حين غفلة مستنجدا به فلم يسعه الا اسعافه وسار معه الى سنجار والرحبة وحاصرهما وشق عليهما فلما نزل الخابور هرب أبو الغازي راجعا الى نصيبين ثم الى بلده وبقي مضطربا ثم بعث السلطان محمد سنة خمس وخمسمائة الى الأمير مودود بالمسير الى قتال الافرنج وأن يسير الأمراء معه من كل جهة مثل سقمان القطبي صاحب ديار بكر وأحمد بك صاحب مراغة وأبي الهيجاء صاحب اربل وأبي الغازي صاحب ماردين فحضروا كلهم الا أبا الغازي فإنه بعث ولده أياز في عسكر فسارت العساكر الى الرها وحاصروها وامتنعت عليهم ثم ساروا سنة ست وخمسمائة الى سروج كذلك ثم ساروا سنة سبع الى بلاد الافرنج فهزموهم على طبرية ودوّخوا بلادهم وعاد مودود الى دمشق وافترقت العساكر ودخل دمشق ليشتي بها عند طغركين صاحبها فقتل غيلة بها واتهم طغركين في أمره وبعث السلطان مكانه
[١] زعجه وأزعجه: اقلعه وقلعه من مكانه، طرده. أزعجه الى المعصية.