على العساكر والموصل آقسنقر البرسقي وأمره بقصد الافرنج وقتالهم وكتب الى الأمراء بطاعته وبعث ابنه الملك مسعودا في عسكر كثيف ليكونوا معه فسار آقسنقر سنة ثمان وخمسمائة وفرّ أبو الغازي وحاصره بماردين حتى استقام وبعث معه ابنه أياز في عسكر فحاصروا الرها وعاثوا في نواحيها ثم سروج وشمشاط وأطاعه صاحب مرعش وكيسوم ورجع فقبض على أياز بن أبي الغازي ونهب سواد ماردين فسار أبو الغازي من وقته الى ركن الدولة داود ابن أخيه سقمان وهو بحصن كيفا مستنجدا به فأنجده وساروا الى البرسقي آخر ثمان وخمسمائة فهزموهم وخلصوا ابنه أياز من الأسر وأرسل السلطان الى أبي الغازي يتهدّده فلحق بطغركين صاحب دمشق صريخا وكان طغركين مستوحشا لاتهامه بأمر مودود فاتفقا على الاستنجاد وبعثا بذلك الى صاحب انطاكية فجاء اليهما قرب حمص وتحالفا وعاد الى انطاكية وسار أبو الغازي الى ديار بكر في خف من أصحابه فاعترضه قيرجان صاحب حمص فظفر به وأسره وبعث الى السلطان بخبره وأبطأ عليه وصول جوابه فيه وجاء طغركين الى حمص فدخل على قيرجان وألحّ عليه بقتل أبي الغازي ثم أطلقه قيرجان وأخذ عليه وسار أبو الغازي الى حلب وبعث السلطان العساكر مع يوسف بن برسق صاحب همذان وغيره من الأمراء لقتال أبي الغازي وقتال الافرنج بعده فساروا الى حلب وبها لؤلؤ الخادم مولى رضوان بن تتش كفل ابنه البارسلان بعد موته ومعه مقدم العساكر شمس الخواص فطالبوهما بتسليم حلب بكتاب السلطان اليهما في ذلك وبادر أبو الغازي وطغركين فدخلا اليهما فامتنعت عليهما فساروا الى حماة من أعمال طغركين وبها ذخائره ففتحوها عنوة ونهبوها وسلموها الى الأمير قيرجان صاحب حمص فأعطاهم أياز بن أبي الغازي وكان أبو الغازي وطغركين وشمس الخواص ساروا الى روجيل صاحب انطاكية يستنجدونه على حفظ حماة وجاءهم هنالك بقدوين صاحب القدس والقمص صاحب طرابلس وغيرهما واتفقوا على مطاولة العساكر ليتفرّقوا عند هجوم الشتاء واجتمعوا عند قلعة افامية فلم تبرح العساكر مكانها فافترقوا وعاد طغركين الى دمشق وأبو الغازي الى ماردين والافرنج الى بلادهم ثم كان اثر ذلك فتح كفرطاب على المسلمين واعتزموا على معاودة حلب فاعترضهم روجيل صاحب انطاكية وقد جاء في خمسمائة فارس مددا للافرنج في كفرطاب فانهزم المسلمون وكان تمحيصهم ورجع برسق أمير العساكر وأخوه منهزمين الى بلادهم وكان أياز بن أبي الغازي أسيرا عندهم فقتله الموكلون به يوم المعركة سنة تسع وخمسمائة والله تعالى أعلم.