للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمعا ورجع بالناس سالما. وغزا يزيد بن أسيد السلميّ من ناحية قاليقلا فغنم وسبى وفتح ثلاثة حصون. ثم غزا المهدي بنفسه سنة ثلاث وستين كما مرّ ثم غزا سنة أربع وستين عبد الكبير بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب من درب الحرث فخرج إليه ميخاييل وطارد الأرمني [١] البطريقان في تسعين الفا فحام عن لقائهم ورجع بالناس، فغضب عليه المهدي وهمّ بقتله فشفع فيه وحبسه. وفي سنة خمس وستين بعث المهدي ابنه هارون بالصائفة وبعث معه الربيع فتوغّل في بلاد الروم ولقيه عسكر نقيطا من القواميس فبارزه يزيد بن مزيد فهزمهم، وغلب على عسكرهم ولحقوا بالدمشق [٢] صاحب المسالح، فحمل لهم مائتي ألف دينار واثنتين وعشرين ألف درهم، وسار الرشيد بعساكره وكانت نحوا من مائة ألف فبلغ خليج قسطنطينية وعلى الروم يومئذ غسطة [٣] امرأة إليوك كافلة لابنها منه صغيرا، فجرى الصلح على الفدية وأن تقيم له الأدلّاء والأسواق في الطريق لأنّ مدخله كان ضيّقا مخوفا فأجابت لذلك، وكان مقدار الفدية سبعين ألف دينار كل سنة ومدّة الصلح ثلاث سنين وكان ما سباه المسلمون قبل الصلح خمسة آلاف رأس وستمائة رأس وقتل من الروم في وقائع هذه الغزوات أربعة وخمسون ألفا ومن الأسرى ألفان. ثم نقض الروم هذا الصلح سنة ثمان وستين ولم يستكملوا مدّته بقي منها أربعة أشهر وكان على الجزيرة وقنّسرين علي ابن سليمان فبعث يزيد بن البدر بن البطّال في عسكر فغنموا وسبوا وظفروا ورجعوا.

[وفاة المهدي وبيعة الهادي]

وفي سنة تسع وستين اعتزم المهدي على خلع ابنه موسى الهادي من العهد والبيعة للرشيد به، وتقديمه على الهادي وكان بجرجان فبعث إليه بذلك فاستقدمه فضرب الرسول وامتنع، فسار إليه المهدي فلما بلغ ماسبدان توفي هنالك. يقال مسموما من بعض جواريه، ويقال سمّت إحداهما الأخرى في كثرى فغلط وأكلها ويقال حاز صيدا فدخل وراءه إلى خربة فدق الباب ظهره وكان موته في المحرّم وصلى عليه ابنه الرشيد وبويع ابنه موسى الهادي لما بلغه موت أبيه وهو مقيم بجرجان يحارب أهل طبرستان. وكان الرشيد لما توفي المهدي والعسكر بماسبدان نادى في الناس بإعطاء


[١] طاراذ الارمني: ابن الأثير ج ٦ ص ٦٣
[٢] الدمستق: ابن الأثير ج ٦ ص ٦٦
[٣] عطسة امرأة أليون: ابن الأثير ج ٦ ص ٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>