ابن خزر وبني فلفول بن خزر، ويحيى بن علي بن حمدون صاحب البصرة.
وبرزوا جميعا بقياطينهم إلى سبتة، وبعثوا الصريخ إلى المنصور بن أبي عامر، فخرج بعساكره إلى الجزيرة الخضراء. وأمرهم بمن كان في حضرته من ملوك زناتة ورؤسائهم النازعين إلى خلفاء الأموية بالأندلس بقرطبة بالمقام في سبيل الطاعة، واغتنام فضل الرباط بثغور المسلمين في إيالة الخلفاء. واجتمعت منهم وراء البحر أمم مع ما انضمّ إليهم من العساكر والحشود، وأجازهم البحر لقصر جعفر بن علي بن حمدون صاحب المسيلة، وعقد له على حرب بلكّين وأمدّه بمائة حمل من المال، فتعاقد ملوك زناتة واجتمعوا إليه، وضربوا مصاف القتال بظاهر سبتة. وهرع إليهم المدد من الجزيرة من عساكر المنصور، وكادوا يخوضون البحر من فرائض الزقاق إلى مظاهرة أوليائهم من زناتة. ووصل بلكّين إلى تيطاوير وتسنّم هضابها، وقطع شعوبها لنهج المسالك والطرق لعسكره، حتى أطلّ على معسكرهم بظاهر سبتة فأرى ما هاله واستيقن امتناعهم.
ويقال إنه لما عاين سبتة من مستشرفه، ورأى اتصال المدد من العدوة إلى معسكرهم بها قال: هذه أفعى فغرت إلينا فاها وكرّ راجعا على عقبه. وكان موقفه ذلك أقصى أثره ورجع إلى البصرة فهدمها وكانت دار ملك ابن الأندلسي، وبها عمارة عظيمة.
ثم انفتح له باب في جهاد برغواطة فارتحل إليهم وشغل بجهادهم، وقتل ملكهم عيسى بن أبي الأنصار كما نذكره. وأرسل بالسبي إلى القيروان وأذهب دعوة بني أمية من نواحي المغرب وزناتة مشرّدون بالصحراء إلى أن هلك سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة بواركش ما بين سجلماسة وتلمسان منصرفا من هذه الغارة الطويلة.
[(دولة منصور بن بلكين)]
ولما توفي بلكّين بعث مولاه أبو زغبل بالخبر إلى ابنه المنصور، وكان واليا بأشير وصاحب عهد أبيه، فقام بأمر صنهاجة من بعده ونزل صيره وقلّده العزيز نزار بن معدّ أمر إفريقية والمغرب وكان على سنن أبيه، وعقد لأخيه أبي البهار على تاهرت ولأخيه يطوفت على أشير، وسرّحه بالعساكر إلى المغرب الأقصى سنة أربع وسبعين