ومال إليهم أهل البلد ومقدّمهم أبو الحسن بن أبي جعفر العلويّ وارتاب بهم بهاء الدولة فهرب الكثير منهم إلى السكرستان وحملوه في السفن فأدخلوه البصرة. وخرج بهاء الدولة وأصحابه فكتب إلى مهذّب الدولة صاحب البطيحة يغريه بالبصرة، فبعث إليها جيشا مع قائده عبد الله بن مرزوق فغلب عليها السكرستان، وملكها المهذّب الدولة، ثم عاد السكرستان وقاتلها وكاتب مهذب الدولة بالصلح والطاعة والخطبة له بالبصرة، وأعطى ابنه رهينة على ذلك، فأجابه وملك البصرة وعسف بهم، وكان يظهر طاعة صمصام الدولة وبهاء الدولة ومهذّب الدولة. ثم إنّ العلاء ابن الحسن نائب صمصام الدولة بخوزستان توفي بعسكر مكرم فبعث مكانه أبا علي إسماعيل بن أستاذهرمز وسار الى جنديسابور فدفع عنها أصحاب بهاء الدولة وأزاح الأتراك عن ثغر خراسان جملة وعادوا إلى واسط وكاتب جماعة منهم ففزعوا إليه، ثم زحف إليهم أبو محمد مكرم، والأتراك وجرت بينهم وقائع، ثم انتقض أبو عليّ إسماعيل بن أستاذ هرمز ورجع إلى طاعة بهاء الدولة وهو بواسط سنة ثمان وثمانين فاستوزره ودبّر أمره واستدعاه إلى مظاهرة قائده ابن مكرم بعسكر مكرم، فسار إليه وكانت من إسماعيل خديعة تورّط فيها بهاء الدولة واستمدّ بدر بن حسنويه، فأمدّه بعض الشيء وكاد يهلك، ثم جاءه الفرج بقتل صمصام الدولة.
[مقتل صمصام الدولة]
كان صمصام الدولة بن عضد الدولة مستوليا على فارس كما ذكرناه، وكان أبو القاسم وأبو نصر ابنا بختيار محبوسين ببعض قلاع فارس، فجرّد الموكّلين بهما في القلعة وأخرجوا عنها واجتمع إليهما من الأكراد وكان جماعة من الديلم استوحشوا من صمصام الدولة لما أسقطهم من الديوان، فلحقوا بابني بختيار وقصدوا أرّجان وتجهّز صمصام الدولة إليهم وكان أبو علي بن استاذ هرمز مقيما بنسا فثار به الجند، وحبسه ابنا بختيار ثم نجا. وقصد صمصام الدولة القلعة التي على شيراز ليتمنع فيها إلى أن يأتيه المدد، فلم يمكنه أن يأتيها من ذلك، وأشار عليه باللحاق بأبي علي بن أستاذ هرمز أو بالأكراد، وجاءته منهم طائفة فخرج معهم بأمواله فنهبوه وسار إلى الرودمان على مرحلتين من شيراز. وجاء أبو النصر بن بختيار إلى شيراز فقبض صاحب الرودمان على صمصام الدولة، وأخذه منه أبو نصر وقتله في ذي الحجّة سنة ثمان وثمانين لتسع سنين من إمارته على فارس.