اليها أمر بإدارة سور على مصر القاهرة والقلعة التي بالجبل دوره تسعة وعشرون ألف ذراع ثلاثمائة ذراع بالهاشميّ واتصل العمل فيه الى أن مات صلاح الدين وكان متولي النظر فيه مولاه قراقوش والله تعالى ولىّ التوفيق بمنه.
[غزوات بين المسلمين والافرنج]
كان شمس الدين محمد ابن المقدم صاحب بعلبكّ وأغار جمع من الافرنج على البقاع من أعمال حلب فسار اليهم وأكمن لهم في الغياض حتى نال منهم وفتك فيهم وبعث الى صلاح الدين بمائتي أسير منهم وقارن ذلك وصول شمس الدولة توران شاه بن أيوب من اليمن فبلغه أنّ جمعا من الافرنج أغاروا على أعمال دمشق فسار اليهم ولقيهم بالمروج فلم يثبت وهزموه وأسر سيف الدين أبو بكر بن السلار من أعيان الجند بدمشق وتجاسر الافرنج على تلك الولاية ثم اعتزم صلاح الدين على غزو بلاد الافرنج فبعثوا في الهدنة وأجابهم اليها وعقد لهم والله تعالى ولىّ التوفيق.
[هزيمة صلاح الدين بالرملة أمام الافرنج]
ثم سار صلاح الدين من مصر في جمادى الاولى سنة ثلاث وسبعين الى ساحل الشام لغزو بلاد الافرنج وانتهى الى عسقلان فاكتسح أعمالها ولم يروا للافرنج خبرا فانساحوا في البلاد وانقلبوا الى الرملة فما راعهم الا الافرنج مقبلين في جموعهم وإبطالهم وقد افترق أصحاب صلاح الدين في السرايا فثبت في موقفه واشتدّ القتال وأبلى يومئذ محمد ابن أخيه في المدافعة عنه وقتل من أصحابه جماعة وكان لتقي الدين بن شاه ابن اسمه أحمد متكامل الخلال لم يطرّ شاربه فابلى يومئذ واستشهد وتمت الهزيمة على المسلمين وكان بعض الافرنج تخلصوا الى صلاح الدين فقتل بين يديه وعاد منهزما واسر الفقيه عيسى الهكاري بعد أن أبلى يومئذ بلاء شديدا وسار صلاح الدين حتى غشيه الليل ثم دخل البرية في فلّ قليل الى مصر ولحقهم الجهد والعطش ودخل الى القاهرة منتصف جمادى الاخيرة قال ابن الأثير ورأيت كتابه الى أخيه توران شاه بدمشق يذكر الواقعة
ذكرتك والخطيّ يخطر بيننا ... وقد فتكت فينا المثقفة السمر
ومن فصوله لقد أشرفنا على الهلاك غير مرّة وما نجانا الله سبحانه منه الا لأمر يريده وما ثبتت الا وفي نفسها أمر انتهى وأما السرايا التي دخلت بلاد الافرنج فتقسمهم القتل والأسر وأما