منهم، وهؤلاء أقرب من أولئك إلى بلاد الروم بشهرين، وكلاهما بلغار انتهى.
وكانت بسيل عادلا حسن السيرة، وملك على الروم نيفا وسبعين سنة. ولما مات ملك أخوه قسطنطين، ثم مات وخلّف بناتا ثلاثا فملكت الكبرى وتزوّجت بأرمانوس من بيت ملكهم، وهو الّذي ملك الرّها من المسلمين، وكان له من قبل الملك رجل يخدمه من السوقة الصيارفة اسمه ميخاييل فاستخلصه وحكّمه في دولته، فمالت زوجة أرمانوس إليه، وأعملا الحيلة في قتل الملك أرمانوس فقتلاه خنقا وتزوجته على كره من الروم. ثم عرض لميخائيل هذا مرض شوّه خلقته فعهد بالملك إلى ابن أخيه واسمه ميخاييل، فملك بعده وقبض على أخواله وإخوتهم وضرب الدنانير باسمه سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. ثم أحضر زوجته بنت الملك وحملها على الرهبانية والخروج له عن الملك، وضربها ونفاها إلى جزيرة في البحر. ثم اعتزم على قتل البطرك للراحة من تحكّمه، فأمره بالخروج إلى الدير لعمل وليمة يحضرها عنده، وأرسل جماعة من الروم وبلغار لقتله، فبذل لهم البطرك مالا على الإبقاء، ورجع إلى بيعته، وحمل الروم على عزل ميخاييل، فأرسل إلى زوجته الملكة من الجزيرة التي نفاها إليها فلم تفعل، وأقبلت على رهبانيتها فخلعها البطرك من الملك، وملكت أختها الصغيرة بدرونة، وأقاموا من خدم أبيها من يدبّر ملكها، وخلعوا ميخاييل، وقاتل أشياعه أشياع بدرونة فظفر بهم أشياع بدرونة ونهبوهم. وفزع الروم إلى التماس ملك يدبّرهم، وقارعوا بين المرشحين فخرجت القرعة على قسطنطين فملّكوه وتزوّجته الملكة الكبرى، ونزلت لها الصغيرة عن الملك سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. ثم خرج خارجي من الروم اسمه ميناس وكثر جمعه وبلغ عشرين ألفا، وجهّز قسطنطين إليه العساكر فقتلوه وسيق رأسه إليه، وافترق أصحابه. ثم ورد على القسطنطينية سنة خمس وثلاثين مراكب للروم ووقعت منها محاورات نكرها الروم فحاربوهم، وكانوا قد فارقوا مراكبهم إلى البرّ فأحرقوها وقتلوا الباقين.
[(الوحشة بين قراوش والأكراد)]
كان للأكراد عدّة حصون تجاور الموصل، فمنها للحميديّة قلعة العقر وما إليها، ابن خلدون م ٢٢ ج ٤