للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن الدولة الأولى لبني يفرن بالمغرب الأوسط والأقصى ومبادئ أمورهم ومصايرها)]

كان لبني يفرن من زناتة بطون كثيرة وكانوا متفرقين بالمواطن، فكان منهم بإفريقية بنو واركوا ومرنجيصة وغيرهم كما قدّمناه، وكان منهم بنواحي تلمسان ما بينها وبين تاهرت أمم كثير عددهم وهم الذين اختطّوا مدينة تلمسان كما نذكره بعد. ومنهم أبو قرّة المنتزي بتلك الناحية لأوّل الدولة العبّاسيّة، وهو الّذي حاصر عمر بن حفص بطبنة كما تقدّم. ولما انقرض أمر أبي يزيد وأثخن المنصور فيمن كان بإفريقية من بني يفرن أقام هؤلاء الذين كانوا بنواحي تلمسان على وفودهم. وكان رئيسهم لعهد أبي يزيد محمد بن صالح. ولما تولى المنصور محمد بن خزر وقومه مغراوة، وكان بينه وبين بني يفرن هؤلاء فتنة هلك فيها محمد بن صالح على يد عبد الله بن بكّار من بني يفرن، كان متحيزا إلى مغراوة. وولي. أمره في بني يفرن من بعده ابنه يعلى فعظم صيته، واختط مدينة أفكان [١] .

ولما خطب عبد الرحمن الناصر طاعة الأموية من زناتة أهل العدوة واستألف ملوكهم، سارع يعلى لإجابته، واجتمع عليها مع الخير بن محمد بن خزر وقومه مغراوة، وأجلب على وهران فملكها سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة من يد محمد بن عون، وكان ولّاه عليها صولات اللميطي [٢] أحد رجالات كتامه سنة ثمان وتسعين ومائتين فدخلها يعلى عنوة على بنيه وخرّبها. وكان يعلى قد زحف مع الخير بن محمد إلى تاهرت وبرز إليه ميسور الخصيّ في شيعته من لماية فهزموهم وملكوا تاهرت، وتقبّض على ميسور وعبد الله بن بكّار فبعث به الخير إلى يعلى بن محمد ليثأر به، فلم يرضه كفؤا لدمه ودفعه إلى من ثأر به من بني يفرن. واستفحل سلطان يعلى في ناحية المغرب وخطب على منابرها لعبد الرحمن الناصر ما بين تاهرت إلى طنجة.

واستدعى من الناصر تولية رجال بيته على أمصار المغرب فعقد على فاس لمحمد بن


[١] ايفكان: تقع بين معسكر وسيدي بلعباس من عمالة وهران على بعد ٢٥ كلم من الأولى، تعرف اليوم بعين فكان، وكانت تدعى في العهد الزناتي أفكان (قبائل المغرب ص ١٢٠) .
[٢] وفي نسخة أخرى: دواس بن صولات اللبيصي.

<<  <  ج: ص:  >  >>