للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدّم المنصور إليه فقاتلوا أبا يزيد وجموع النكارية فهزموهم واعتصموا بجبل كتامة، ورحل المنصور إلى المسيلة وانحصر أبو يزيد في قلعة الجبل، وعسكر المنصور إزاءها واشتدّ الحصار، وزحف إليها مرّات، ثم اقتحمها عليهم فاعتصم أبو يزيد بقصر في ذروة القلعة فأحيط به واقتحم، وقتل أبو عمّار الأعمى ويكموس المزاتي ونجا أبو يزيد مثخنا بالجراحة محمولا بين ثلاثة من أصحابه فسقط في مهواة من الأوعار فوهن وسيق من الغداة إلى المنصور فأمر بمداواته. ثم أحضره ووبّخه وأقام الحجّة عليه وتجافى عن دمه، وبعثه إلى المهديّة وفرض له بها الجراية فجزاه خيرا. وحمل في القفص فمات من جراحته سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة. وأمر به فسلخ وحشي جلده بالتبن وطيف به في القيروان. وهرب الفلّ من أصحابه إلى ابنه فضل، وكان مع معبد بن خزر فأغاروا على ساقة المنصور، وكمن لهم زيري بن مناد أمير صنهاجة فأوقع بهم. ولم يزل المنصور في اتباعه إلى أن نزل المسيلة وانقطع أثر معبد، ووافاه بمعسكره هنالك انتقاض حميد بن يصل عامل تيهرت [١] من أوليائهم، وأنه ركب البحر من تنس إلى العدوة فارتحل إلى تيهرت وولّى عليها وعلى تنس. ثم قصد لواتة فهربوا إلى الرمال، ورجع إلى إفريقية سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة. ثم بلغه أنّ فضل بن أبي يزيد أغار على جهات قصطيلة، فرحل من سنته في طلبه وانتهى إلى قفصة ثم ارتحل إلى [٢] من أعمال الزاب، وفتح حصن ماداس مما يليه. وهرب فضل في الرمال فأعجزه ورجع إلى القيروان سنة ست وثلاثين. ومضى فضل إلى جبل أوراس، ثم سار منه إلى باغاية فحاصرها. وغدر به ماطيط [٣] بن يعلى من أصحابه، وجاء برأسه إلى المنصور. وانقرض أمر أبي يزيد وبنيه وافترقت جموعهم. واغتال عبد الله ابن بكار من رؤساء مغراوة بعد ذلك أيوب بن أبي يزيد وجاء برأسه إلى المنصور متقرّبا إليه. وتتبّع المنصور قبائل بني يفرن بعدها إلى أن انقطع أثر الدعوة. والبقاء للَّه تعالى وحده.


[١] تاهرت: معجم البلدان.
[٢] بياض بالأصل وفي النسخة الباريسية: مديلية وفي نسخة أخرى ميطلة.
[٣] وفي نسخة ثانية: باطيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>