للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثاروا به عقب الصلاة وقتلوه، وجروا شلوه في سكك المدينة، فزاد عيثهم وأجلابهم على السلطان، واستقدم أحمد بن أبي الليل شيخ الكعوب لذلك العهد عثمان بن أبي دبوس من مكانه بنواحي طرابلس، ونصّبه للأمر، وأجلب به على الحضرة ونازلها.

وخرج إليهم الوزير أبو عبد الله بن برزيكن في العساكر فهزمهم، وسار بالعساكر لتمهيد الجهات وتسكين ثائرة العرب، وفد عليه أحمد بن أبي الليل ومعه سليمان بن جامع من رجالات هوّارة بعد أن راجع الطاعة. وصرف ابن أبي دبّوس إلى مكانه فتقبّض عليهما، وبعث بهما إلى الحضرة فلم يزالا معتقلين إلى أن هلك أحمد بمحبسه سنة ثمان وسبعمائة وقام بأمر الكعوب محمد بن أبي الليل ومعه حمزة ومولاهم ابنا أخيه عمر رديفين له. ثم خرج الوزير بعساكره سنة سبع وسبعمائة، واستوفد مولاهم ابن عمر وتقبّض عليه وبعث به إلى الحضرة فاعتقل مع عمّه أحمد. وجاهر أخوه حمزة بالخلاف وأتبعه عليه قومه فكثر عيثهم، وأضروا بالرعايا وكثرت الشكاية من العامة، ولغطوا بها في الأسواق وتصايحوا. ثم نفروا إلى باب القصبة يريدون الثورة فسدّ الباب دونهم فرموا بالحجارة، وهم في ذلك يعتدون ما نزل بهم من الحاجب ابن الدبّاغ ويطلبون شفاء صدورهم بقتله. ورفع أمرهم الحاجب واستلحمهم جميعا [١] فأبى من ذلك السلطان وأمره بملاطفتهم إلى أن مكنت بيعتهم [٢] . ثم تتبع بالعقاب من تولى كبر ذلك منهم، وانحسم الداء. وكان ذلك في رمضان من سنة ثمان وسبعمائة واستمرّ العرب في غلوائهم إلى أن هلك السلطان فكان ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى والله أعلم.

[(الخبر عن انتقاض أهل الجزائر واستبداد ابن علان بها)]

قد قدمنا ما كان من انتقاض الجزائر أيام المستنصر ودخول عساكر الموحّدين عليهم عنوة، واعتقال مشيختهم بتونس حتى أطلقوا بتونس بعد مهلكه، ولما استقلّ الأمير


[١] العبارة غير واضحة وسياق المعنى: ورفع الحاجب أمرهم الى السلطان لاستلحامهم ...
[٢] وفي نسخة أخرى: الى أن سكنت هيعتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>