هو أحب إليّ فولّاه الصلاة والحرب، وولّى عبد الرحمن القشيريّ الخراج فلم يزل عبد الرحمن بن نعيم على خراسان حتى قتل يزيد بن المهلّب. وولي مسلمة فكانت ولايته أكثر من سنة ونصف وظهر من أيام الجرّاح بخراسان دعاة بني العبّاس فيمن بعثه محمد بن علي بن عبد الله بن العبّاس إلى الآفاق حسبما يذكر في أخبار الدولة العبّاسية.
[وفاة عمر بن عبد العزيز وبيعة يزيد]
ثم توفى عمر بن عبد العزيز في رجب سنة إحدى ومائة بدير سمعان ودفن بها السنتين وخمسة أشهر من ولايته ولأربعين من عمره وكان يدعى أشجّ بني أمية رمحته دابة وهو غلام فشجّته. ولما مات ولي بعده يزيد بن عبد الملك بعهد سليمان كما تقدّم وقيل لعمر حين احتضر: أكتب إلى يزيد فأوصه بالأمّة فقال: بماذا أوصيه؟ إنه من بني عبد الملك! ثم كتب أمّا بعد فاتق يا يزيد الصرعة بعد الغفلة حين لا تقال العثرة، ولا تقدر على الرجعة، إنك تترك ما أترك لمن لا يحمدك وتصير إلى من لا يعذرك والسلام. ولما ولي يزيد عزل أبا بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن المدينة وولّى عليها عبد الرحمن بن الضحّاك بن قيس الفهري وغير كل ما صنعه عمر بن عبد العزيز وكان من ذلك شأن خراج اليمن فإنّ محمدا أخا الحجّاج جعل عليهم خراجا مجدّدا وأزال ذلك عمر إلى العشر أو نصف العشر وقال: لئن يأتيني من اليمن حبة ذرة أحب إليّ من تقرير هذه الوظيفة فلما ولي يزيد أعادها وقال لعامله خذها منهم ولو صاروا حرضا وهلك عمّه محمد بن مروان فولّى مكانه على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية عمّه الآخر مسلمة بن عبد الملك.
[احتيال يزيد بن المهلب مقتله]
قد تقدّم لنا حبس يزيد بن المهلب فلم يزل محبوسا حتى اشتدّ مرض عمر بن عبد العزيز فعمل في الهرب مخافة يزيد بن عبد الملك لأنّ زوجته بنت أخي الحجّاج وكان سليمان أمر ابن المهلب بعذاب قرابة الحجاج كلهم فنقلهم من البلقاء وفيهم زوجة يزيد وعذّبها وجاءه يزيد بن عبد الملك إلى منزله شافعا فلم يشفعه فضمن حمل ما قرّر عليها فلم يقبل فتهدّده فقال له ابن المهلب لئن وليت أنت لأرمينّك بمائة ألف