للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاروا طوائف وفرقا واستظهروا بملوك النّصرانيّة كلّ على صاحبه فاختلف الحال في العصور في ظهور فرقة دون فرقة إلى أن استقرّت لهم ثلاث طوائف هي فرقهم ولا يلتفتون إلى غيرها وهم الملكيّة واليعقوبيّة والنّسطوريّة ثمّ اختصّت كلّ فرقة منهم ببطرك فبطرك رومة اليوم المسمّى بالبابا على رأي الملكيّة ورومة للإفرنجة وملكهم قائم بتلك النّاحية وبطرك المعاهدين بمصر على رأي اليعقوبيّة وهو ساكن بين ظهرانيهم والحبشة يدينون بدينهم ولبطرك مصر فيهم أساقفة ينوبون عنه في إقامة دينهم هنالك.

واختصّ اسم البابا ببطرك رومة لهذا العهد ولا تسمّي اليعاقبة بطركهم بهذا الاسم وضبط هذه اللّفظة بباءين موحّدتين من أسفل والنّطق بها مفخّمة والثّانية مشدّدة ومن مذاهب البابا عند الإفرنجة أنّه يحضّهم على الانقياد لملك واحد يرجعون إليه في اختلافهم واجتماعهم تحرّجا من افتراق الكلمة ويتحرّى به العصبيّة الّتي لا فوقها منهم لتكون يده عالية على جميعهم ويسمّونه الإنبرذور [١] وحرفه الوسط بين الذّال والظاء المعجمتين ومباشره يضع التّاج على رأسه للتّبرّك فيسمّى المتوّج [٢] ، ولعلّه معنى لفظة الإنبرذور وهذا ملخّص ما أوردناه من شرح هذين الاسمين اللّذين هما البابا والكوهن والله يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء.

[الفصل الرابع والثلاثون في مراتب الملك والسلطان والقابها]

اعلم أنّ السّلطان في نفسه ضعيف يحمّل أمرا ثقيلا فلا بدّ له من الاستعانة


[١] المشهور قديما إمبراطور بالطاء المهملة والفرنسيس تقول (أمبرور) ومعناها عندهم ملك الملوك.
[٢] أي أن البابا يضع التاج على رأس الامبراطور ثم يباركه.

<<  <  ج: ص:  >  >>