الدانشمند فلقيهم كمستكين وهزمهم واستلحمهم وكانوا ثلاثمائة ألف ثم ساروا إلى ملطية فملكوها وأسروا صاحبها وزحف إليه إسمند من أنطاكية في الإفرنج فهمّ بهم ابن الدانشمند فأتاح الله للمسلمين على يده هذا الظهور في مدد متقاربة حتى خلص إسمند من الأسر وجاء إلى أنطاكية والإفرنج بها وبعث إلى قيس العواصم وما جاورها يطلب الإمارة فامتعض المسلمون لذلك وقلدوه بعد العهد الّذي التزمه.
[حصار الإفرنج قلعة جبلة]
كانت جبلة من أعمال طرابلس وكان الروم قد ملكوها وولوا على المسلمين بها ابن رئيسهم منصور بن صليحة يحكم بينهم فلما صارت للمسلمين رجع أمرها لجمال الملك أبي الحسن علي بن عمار المستبدّ بطرابلس وبقي منصور بن صليحة على عادته فيها ثم توفي منصور فقام إليه أبو محمد عبد الله مقامه وأظهر الشماتة فارتاب به ابن عمار وأراد القبض عليه فعصى هو في جبلة وأقام بها الخطبة العباسية واستنجد عليه ابن عمار دقاق بن تتش فجاءه أتابك طغركين فامتنع عليهم ورجعوا ثم جاء الإفرنج فحاصروها فامتنعت عليهم أيضا وشاع أنّ بركيارق جاء إلى الشام فرحلوا ثم عادوا وأظهروا أنّ المصريين جاءوا لإنجاده فرحلوا ثم عادوا فتقدّم للنصارى الذين عنده أن يدخلوا الإفرنج في نقب البلد من بعض أسواره فجهزوا إليهم ثلاثمائة من أعيانهم فرفعهم بالحبال واحدا بعد واحد وهو قاعد على السور حتى قتلهم أجمعين فرحلوا عنه ثم عادوا إليه فهزمهم وأسر ملكهم كبرانيطل وفادى نفسه منه بمال عظيم ثم [١] ابن صليحة وجهده الحصار فأرسل إلى طغركين صاحب دمشق وبعث ابن عمار في طلبه إلى الملك دقاق على أن يدفعه إليه بنفسه دون ماله ويعطيه ثلاثين ألف دينار فلم يفعل وسار ابن صليحة إلى بغداد فوعده إلى وصول رحلة من الأنبار فبعث الوزير من استولى عليها فوجد فيها ما لا يحصى من الملابس والعمائم والمتاع وانتزع ذلك كله ولما ملك تاج الملوك جبلة أساء فيها السيرة فراسلوا فخر الملك أبا علي بن عمار صاحب طرابلس واستدعوه لملكها فبعث إليهم عسكرا وقاتلوا تاج الملك ومن معه فهزموه وأخذوه أسيرا
[١] كذا بياض بالأصل وهي عبارة مضطربة والأسماء محرفة. وفي الكامل ٨١٠ ص ٣١١: وأتوا الفرنج من ظهورهم فولوا منهزمين واسر مقدمهم المعروف بكذا اصطبل فافتدى نفسه بمال جزيل، ثم علم أنهم لا يقعدون عن طلبه وليس له ما يمنعهم عنه فأرسل إلى طغمكين أتابك يلتمس منه إنقاذ من يثق به ليسلم إليه ثغر جبله، ويحميه ليصل هو إلى دمشق بما له وأهله.