الجديد، فكان ذلك من أسباب الفتح، ولما دخل السلطان إلى دار ملكه من البلد الجديد فاتح سنة ست وستين وسبعمائة واستوسق أمره، رفع مجلس سليمان وأحلّه محل الشورى، واعتضد به وزيره محمد بن عثمان واستخلصه كما ذكرناه. وكان يرجع إلى رأيه وهو في خلال ذلك يحاول اللحاق بالأندلس، فكان من أوّل عمله التقرّب إلى السلطان ابن الأحمر بإغراء الوزير محمد بن عثمان بقتل ابن الوزير مسنويه [١] ، فتمّ ذلك لأوّل الدولة. وجرت الأمور بعدها على الاعتمال في مرضاته إلى أن حاول السفارة إليه في أغراض سلطانه، سنة ثمان وستين وسبعمائة في صحابة ونزمار بن عريف، فتلقّاهما السلطان ابن الأحمر بما يتلقى به أمثالهما وأغرب في تكرمتهما. وأما ونزمار فانقلب راجعا لأوّل تأدية الرسالة، يتقضى من السلطان حظّه لقواد أسطوله بتسهيل الإجازة إليه متى رامها. وخرج يتصيّد فلحق بمرسى مالقة ودفع أمر السلطان بخطه، إلى قائد الأسطول، فأجازه إلى سبتة ولحق بمكانه. وأمّا سليمان فاعتزم على المقام عند ابن الأحمر وأقام هنالك خالصة ونجيا ومشاورا، الى أن هلك سنة إحدى وثمانين وسبعمائة.
الخبر عن شأن الوزير أبي بكر بن غازي وما كان من تغريبه الى مايرقة ثم رجوعه وانتقاضه بعد ذلك
لما اشتدّ الحصار بالوزير أبي بكر بن غازي وفنيت أمواله وأموال السلطان، وظنّ أنه أحيط به، داخله الوزير محمد بن عثمان من مكانهم بحصاره في النزول عن البلد على الأمان والإبقاء فأجاب وخرج إلى السلطان أبي العبّاس بن أبي سالم، فعقد له أمانا بخطّه، وتحوّل إلى داره بفاس وأسلم سلطانه المنصوب للأمر، فتسلّمه منه الوزير محمد بن عثمان، واشتدّ في الاحتياط عليه إلى أن بعثه إلى السلطان ابن الأحمر، فكان في جملة الأبناء عنده، ودخل السلطان أبو العباس إلى دار ملكه واقتعد سريره ونفذت في الممالك أوامره. وأقام أبو بكر بن غازي على حاله بداره والخاصّة يباكرونه والنفوس منطوية على تأميله، فغصّ به أهل الدولة وتردّدت فيه