للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهض إليه سنة تسع وثمانين وسبعمائة بعد أن اعترض عساكره واستألف من العرب أولياءه وسرب فيهم عطاءه.

ونزل على قابس وقد استعدّ لها وجمع الآلات لحصارها فاكتسح نواحيها، وجثم عليها بعساكره يقاتلها ويقطع نخيلها حتى أعاد الكثير من ألفافها براحا وموّج الهواء في ساحتها، فصحّ إذ كانوا يستوخمونه لاختفائه بين الشجر، في مكائف الطلال وما يلحقه في ذلك من التعفّن، فذهب عنها ما كان يعهد فيها من ذلك الوخم رحمة من الله أصابتهم من عذاب هذا السلطان وربما صحّت الأجسام بالعلل ولما اشتدّ بهم الحصار وضاق المخنق، وظنّ ابن مكي أنه قد أحيط به استعتب للسلطان واستأمن فأعتبه وأمّنه ورهن ابنه على الطاعة أداء الضريبة وأفرج عنه السلطان وانكفأ راجعا إلى تونس، واستقام ابن مكي حتى كان من تغلّب عمه يحيى عليه ما نذكره.

(رجوع المنتصر الى ولايته بتوزر وولاية أخيه زكريا على نفطة ونفزاوة)

كان العرب أيام ولاية المنتصر بتوزر قد حمدوا سيرته واصفقوا [١] على محبته والتشيّع له، فلمّا رجع السلطان عن قابس وقفوا إليه في طريقه إلى أن تولى المنتصر على بلاد الجريد كما كان ورده إلى عمله بتوزر. وتولّى ذلك بنو مهلهل وأركبوا نساءهم الظعن في الهوادج واعترضوا بهنّ السلطان سافرات مولولات دخلاء عليه في إعادة المنتصر إلى توزر لما لهم فيه من المصالح فقبل السلطان وسيلتهن وأعاده الى توزر، ونقل ابنه زكريا إلى نفطة وأضاف إليها عمل نفزاوة فسار إليها واستعمل بعمله وأظهر من الكفاية والاضطلاع ما تحدّث به الناس عنه، وكانت ولايته أوّل سنة تسعين وسبعمائة.

[(فتنة الأمير إبراهيم صاحب قسنطينة مع الزواودة ووفاة يعقوب بن علي ثم وفاة الأمير إبراهيم أثرها)]

كان للزواودة بقسنطينة عطاء معلوم مرتّب على مراتبهم زيادة لما بأيديهم من البلاد في


[١] بمعنى أجمعوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>