للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكنى المدن. ولما تغلّب الزواودة على ضواحي الزاب وما إليها، أقطعتهم الدولة مغارم هذه الجبال التي لغمرت. وهم لهذا العهد في سهمان أولاد يحيى بن علي بن سبّاع من بطونهم وكان في القديم من غمرت هؤلاء كاهن زناتة موسى بن صالح مشهور عندهم حتى الآن، ويتناقلون بينهم كلماته برطانتهم على طريق الرجز، فيها أخبار بالحدثان فيما يكون لهذا الجيل الزناتي من الملك والدولة، والتغلّب على الأحياء والقبائل والبلدان. شهد كثير من الواقعات على وفقها بصحتها، حتى لقد نقلوا من بعض كلماته ما معناه باللسان العربيّ أنّ تلمسان مآلها الخراب، وتصير دورها فدنا حتى يثير أرضها حرّاث أسود بثور أسود أعور. وذكر الثقات أنهم عاينوا ذلك بعد انتشار كلماته هذه أيام لحقها الخراب في دولة بني مرين الثانية سنة ستين وسبعمائة، وأفرط الخلاف بين هذا الجيل الزناتيّ في التشيع له والحمل عليه، فمنهم من يزعم أنه نبي أو وليّ، وآخرون يقولون كاهن شيطان، ولم تقفنا الأخبار الصحيحة على الجلي من أمره. والله سبحانه وتعالى أعلم لا ربّ غيره.

[(الخبر عن بني واركلا من بطون زناتة والمصر المنسوب إليهم بصحراء افريقية وتصاريف أحوالهم)]

بنو واركلا هؤلاء إحدى بطون زناتة كما تقدّم، من ولد فرني [١] بن جانا، وقد مرّ ذكرهم. وأنّ إخوتهم الديرت ومرنجيصة وسبرترة ونمالة [٢] والمعروفون لهذا العهد، منهم بنو واركلا وكانت فئتهم قليلة، وكانت مواطنهم قبلة الزاب، واختطوا المصر المعروف بهم لهذا العهد على ثمان مراحل من بسكرة في القبلة عنها ميامنة إلى المغرب، بنوها قصورا متقابلة متقاربة الخطة. ثم استبحر عمرانها فأتلفت وصارت مصرا واحدا. وكان معهم هناك جماعة من بني زنداك من مغراوة، وإليهم كان هرب أبي زيد النكارى [٣] عند فراره من الاعتقال سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وكان مقامه بينهم سنة يختلف إلى بني برزال قبلة المسيلة بسالات، وإلى


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى فريني.
[٢] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: يزمرتن ومنجصة وغالته.
[٣] وفي نسخة ثانية: ابن أبي يزيد النكاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>